للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمرةُ الفائِدةِ المُتَرتِّبةِ على التَّمييزِ بينَ المُدَّعي والمُدَّعى عليه:

تَظهَرُ ثَمرةُ الفائِدةِ من مَعرِفةِ كلٍّ من المُدَّعي من المُدَّعَى عليه في تَعيينِ الطَّرفِ الذي سَيكونُ عليه عِبءُ إقامةِ البَيِّنةِ، والطَّرفِ الذي ليسَ عليه إلا اليَمينُ عندَ عَدمِ وُجودِ بيِّنةٍ تَشهَدُ للطَّرفِ الأولِ، فإذا عرَفَ القاضِي المُدَّعي من المُدَّعَى عليه تَبيَّنَ له الأمرُ ولم يَبقَ عليه إلا أنْ يُطبِّقَ القَواعدَ الشَّرعيةَ المَعروفةَ في البَيِّناتِ والتَّرجيحِ، ومن أجلِ ذلك رُويَ عن سَعيدِ بنُ المُسيِّبِ أنَّه قالَ: «أيُّما رَجلٍ عرَفَ المُدَّعي من المُدَّعَى عليه لم يَلتبِسْ عليه ما يَحكُمُ به بينَهما، فالمُدَّعي أنْ يَقولَ الرَّجلُ: «قد كانَ»، والمُدَّعَى عليه أنْ يَقولَ: «لم يَكنْ».

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ الجَدُّ : فوَجهُ مَعرِفةِ الفَصلِ في الحُكمِ بينَ المُتداعِيَينِ تَمييزُ المُدَّعي الذي يُكلَّفُ إِقامةَ البَيِّنةِ على دَعواه، ولا يُمكَّنُ من اليَمينِ، من المُدَّعَى عليه الذي يُمكَّنُ من اليَمينِ ولا يُكلَّفُ إِقامةَ البَيِّنةِ بالوُقوفِ على العِلةِ المُفرِّقةِ بينَهما المُوجِبةِ لتَبدئةِ المُدَّعَى عليه باليَمينِ دونَ المُدَّعي؛ إذ قد يَكونُ القَولُ قَولَ المُدَّعي إذا كانَ في مَعنى المُدَّعَى عليه، وتَكونُ على المُدَّعَى عليه إِقامةُ البَيِّنةِ إذا كانَ في مَعنى المُدَّعي؛ لأنَّ المُدَّعَى عليه لم يَكنِ القَولُ قَولَه من أجلِ أنَّه مُدَّعًى عليه، ولأنَّ المُدَّعي لم يُكلَّفْ إِقامةَ البَيِّنةِ على دَعواه من أجلِ أنَّه مُدَّعٍ؛ إذ ليسَت الأَحكامُ للأَسماءِ، إنَّما هي للمَعاني.

فالمَعنى الذي من أجلِه كانَ القَولُ قَولَ المُدَّعى عليه هو أنَّ له سَبَبًا يَدلُّ على صِدقِه دونَ المُدَّعي في مُجرَّدِ دَعواه، وهو كَونُ السِّلعةِ بيَدِه، إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>