ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في الصَّحيحِ عندَهم جَميعًا إلى أنَّه يَجوزُ إقراضُ النُّقودِ، سَواءٌ كانتْ ذَهبيَّةً أو فِضِّيَّةً أو فُلوسًا؛ لِأنها مِنَ العَدَديَّاتِ المُتقارِبةِ، كالجَوزِ والبَيضِ.
ثم اختَلَفوا في مَسألتَيْنِ:
الأُولى: لو استَقَرض فُلوسًا فكَسَدتْ ومنَع السُّلطانُ المُعامَلةَ بها، هل يُرَدُّ المِثلُ أو القيمةُ؟
والأُخرى: إذا استَقرَضَ فُلوسًا فنَقَصتْ قيمَتُها، هل يَرُدُّ المِثلَ أو القيمةَ؟
أمَّا لو استَقَرَض شَيئًا مِثليًّا يَجبُ عليه رَدُّ المِثلِ، سَواءٌ رَخُصَ سِعرُه أو غَلا أو كان بحالِه بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ.
أمَّا المَسألةُ الأُولى - وهي: لَو استَقرَضَ فُلوسًا فكَسَدتْ ومنَع السُّلطانُ المُعامَلةَ بها هل يَرُدُّ المِثلَ أو القيمةَ-، فاختَلَف الفُقهاءُ فيها:
فقال أبو يُوسفَ ومُحمدٌ والمالِكيَّةُ في قَولٍ شاذٍّ عندَهم والشافِعيَّةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ: لو استَقرَضَ فُلوسًا فكَسَدتْ فعليه قيمَتُها، إلا أنَّهم اختَلَفوا هل له قيمَتُها يَومَ قَبضِها أو يَومَ فَسَدتْ وكَسَدتْ وتُرِكتِ المُعامَلةُ بها؟
فقال أبو يُوسُفَ والحَنابِلةُ في المَذهبِ: عليه قيمَتُها يَومَ قَبضِها، لا يَومَ رَدِّها؛ لأنَّ الواجِبَ في بابِ القَرضِ رَدُّ مِثلِ المَقبوضِ، وقد عجَز عن ذلك؛