الضَّربُ الثاني: بدَلٌ عن الأولِ وهو الفَيءُ بالقولِ عندَ العَجزِ عن الوَطءِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الزوجَ إذا آلَى مِنْ زَوجتِه وهو مَريضٌ أو مُسافِرُ أو مَحبوسٌ أو مَجبوبٌ أو كانَ عندَه عُذرٌ شَرعيٌّ يَمنعُ الوَطءَ كإحرامٍ أو شَيءٍ لا يُمكِنُ معهُ الجِماعُ فإذا مضَتِ المدَّةِ وبه هذا العُذرُ الذي يَمنعُ مِنْ الوَطءِ فإنَّ الفَيءَ في حقِّه يَكونُ بالقَولِ، فيَقولُ:«متَى قَدرْتُ جامَعتُها، أو: فِئْتُ إليكِ، أو: راجَعتُكِ» أو ما أشبَهَ ذلكَ؛ لأنَّ به يَندفعُ الأذَى الذي حصَلَ باللسانِ؛ لأنَّ القَصدَ بالفَيئةِ قَصدُ ما قصَدَه مِنْ الإضرارِ، وقد ترَكَ قصْدَ الإضرارَ بما أتَى به مِنْ الاعتِذارِ، والقَولُ مع العُذرِ يَقومُ مَقامَ فِعلِ القادرِ، ومتَى قدَرَ على الوَطءِ بعدَ ذلكَ لَزمَه، فإنْ لم يَفعلْ أُمرَ بالطلاقِ كما لو لَم يَكنْ فاءَ بلِسانِه؛ لأنَّ الفَيئةَ باللِّسانِ مُجرَّدُ وَعدٍ، وحقُّها الأصليُّ باقٍ ولا مانِعَ مِنْ فعلِه (١).
(١) «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢٠٦)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٧٣)، و «أحكام القرآن» (٢/ ٤٨، ٤٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٩٠، ١٩١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٠٧، ٥٠٨)، و «المدونة الكبرى» (٦/ ٩٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٣٤، ١٣٥)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٩٧، ٩٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٥٧، ٣٦٠)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٥٤، ٢٥٧)، و «البيان» (١٠/ ٣٢٢)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢٩)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٤٥)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٩٠)، و «الديباج» (٣/ ٥٠٠)، و «المغني» (٧/ ٤٣٤، ٤٣٧)، و «المبدع» (٨/ ٢٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٢٣).