للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يُشتَرطُ رضَا الزَّوجةِ أو وليِّها لصحَّةِ الرَّجعةِ؟

أجمَعَ أهلُ العلمِ على أنه لا يُشترطُ رضَا الزوجةِ أو وليِّها لصحَّةِ الرجعةِ، بل تَجوزُ الرجعةُ ولو كانَتْ كارِهةً غيرَ راضِيةٍ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] مُطلقًا عن شَرطِ الرِّضا، ولأنه لو شُرطَ الرضا لم يَكنِ الزوجُ أحَقَّ برَجعتِها منهَا؛ لأنه لا يَملكُ بدُونِ رضاها، فيُؤدِّي إلى الخُلفِ في خبَرِ اللهِ ﷿ وهذا لا يَجوزُ، ولأنَّ الرجعةَ شُرعَتْ لإمكانِ التَّداركِ عندَ النَّدمِ، فلو شُرطَ رِضاها لا يُمكِنْه التَّداركُ؛ لأنها عسَى لا تَرضَى (١).

قالَ الإمامُ ابنُ حزمٍ : واتَّفقُوا أنَّ مَنْ طلَّقَ امرَأتَه التي نكَحَها نِكاحًا صَحيحًا طلاقَ سنَّةٍ وهي ممَّن يَلزمُها عدَّةٌ مِنْ ذلكَ فطلَّقَها مرَّةً أو مرَّةً بعْدَ مرَّةٍ فله مُراجَعتُها شاءَتْ أو أبَتْ بلا وَليٍّ ولا صَداقٍ ما دامَتْ في العدَّةِ، وأنهُما يَتوارثانِ ما لم تَنقَضِ العدَّةُ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأجمَعَ المُسلمونَ على أنَّ الزوجَ يَملكُ رَجعةَ الزوجةِ في الطلاقِ الرجعيِّ ما دامَتْ في العدَّةِ مِنْ غيرِ اعتِبارِ رِضاها؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وأنَّ مِنْ شَرطِ هذا الطلاقِ تقدُّمُ المَسيسِ لهُ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٦).
(٢) «مراتب الإجماع» ص (٧٥)، و «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٢٨٢)، رقم (٢٣٣٦).
(٣) «بداية المجتهد» (٢/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>