للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مَذهبِ الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ تُماثِلُ ما نَصَّ عليه الشافِعيُّ، فأجازَ للفَقيرِ أنْ يَأخذَ تَمامَ كِفايتِه دائمًا بمَتجرٍ أو آلةِ صَنعةٍ أو نحوِ ذلك، وقد اختارَ هذه الرِّوايةَ بعضُ الحَنابِلةِ ورَجَّحوا العَملَ بها (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ مَنْ لا يَملِكُ نِصابًا زَكويًّا كامِلًا يَجوزُ أنْ يُدفعَ إليه أقَلُّ من مِئتَي دِرهَمٍ أو تَمامُها (أي: نِصابَ النُّقودِ) ويُكرهُ أكثَرُ من ذلك، وقالَ زُفَرُ: لا يَجوزُ تَمامُ المِئتَينِ أو أكثَرُ، وهذا عندَهم (أي: الحَنفيةِ) لمَن لم يَكنْ له عِيالٌ ولا دَينَ عليه، فإنْ كانَ له عِيالٌ فلكلٍّ منهم مِئتا دِرهَمٍ (نِصابُ النُّقودِ) والمَدينُ يُعطَى لدَينِه ولو فوقَ المِئتَينِ (٢).

الصِّنفُ الثالِثُ: العامِلونَ على الزَّكاةِ:

يَجوزُ إِعطاءُ العامِلينَ على الزَّكاةِ منها؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ [التوبة: ٦٠] ولا يُشتَرطُ فيمَن يَأخذُ من العامِلينَ مِنْ الزَّكاةِ الفَقرُ؛ لأنَّه يَأخذُ بعَملِه لا لفَقرِه.

وقد قالَ النَّبيُّ : «لَا تَحلُّ الصَّدقةُ لغَنيٍّ إلا لِخمسةٍ: لغازٍ في سَبيلِ اللَّهِ، أو لعامِلٍ عليها، أو لغارِمٍ، أو لرَجلٍ اشْتَراها بمالِه أو لرَجلٍ كانَ له جَارٌ مِسكينٌ فتُصدِّقَ على المِسكينِ فأَهداها المِسكينُ للغَنيِّ» (٣).


(١) «الإنصاف» (٣/ ٢٣٨)، و «المبدع» (٢/ ٤١٦)، و «الفروع» (٢٤٤٦).
(٢) «المبسوط» (٣/ ١٣)، و «البدائع» (٢/ ٥٠٢)، و «الاختيار» (١/ ١٢٩)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٣٠٥)، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٢١٩).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٦٣٥، ١٦٣٦، ١٦٣٧)، وابن ماجه (١٨٤١)، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>