قالَ ابنُ رُشدٍ ﵀: وأمَّا المَسألةُ السادِسةُ وهي: في ماذا تُصرَفُ الجِزيةُ؟ فإنَّهم اتَّفقوا على أنَّها مشتَرَكةٌ لمَصالحِ المُسلِمينَ من غيرِ تَحديدٍ، كالحالِ في الفَيءِ عندَ مَنْ رأى أنَّه مَصروفٌ إلى اجتِهادِ الإمامِ، حتى لقد رأى كَثيرٌ من الناسِ أنَّ اسمَ الفَيءِ إنَّما يُطلَقُ على الجِزيةِ في آيةِ الفَيءِ، وإذا كانَ الأمرُ هكذا، فالأموالُ الإِسلاميةُ ثَلاثةُ أصنافٍ: صَدقةٌ وفَيءٌ وغَنيمةٌ (١).
مُسقِطاتُ الجِزيةِ:
تَسقُطُ الجِزيةُ بالإسلامِ أو المَوتِ أو التَّداخُلِ أو العَجزِ الماليِّ أو عَجزِ الدَّولةِ عن تَوفيرِ الحِمايةِ لأهلِ الذِّمةِ أو بالإصابةِ بالعاهاتِ المُزمِنةِ أو اشتِراكِ الذِّمِّيين في القِتالِ.
وفي بعضِ هذه الأُمورِ خِلافٌ يَتبيَّنُ بما يَلي:
الأولُ: الإسلامُ:
اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّ الجِزيةَ تَسقطُ عمَّن دخَلَ في الإسلامِ من أهلِ الذِّمةِ في أثناءِ الحَولِ، فلا يُطالَبُ بها فيما يُستقبَلُ من الزَّمانِ.
واختَلفُوا فيما إذا أسلَمَ بعدَ الحَولِ قبلَ أنْ تُؤخَذَ منه.
فذهَبَ جَماهيرُ أهلِ العِلمِ -الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ- إلى أنَّها تَسقطُ عنه ولا يُطالَبُ بها.