للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل تَحصلُ الرَّجعةُ بالنِّيةِ فقطْ:

نصَّ المالِكيةُ في الأظهَرِ -وصحَّحَ هذا ابنُ رُشدٍ وغَيرُه- على أنَّ الرجعةَ تَحصلُ بالنيَّةِ فقطْ مِنْ غَيرِ مُصاحَبةِ فعلٍ أو قولٍ؛ لأنَّ اللفظَ عِبارةٌ عمَّا في النَّفسِ، فإذا نوَى في نفسِه أنه قد راجَعَها واعتَقدَ ذلكَ في ضَميرِه صحَّتْ رَجْعتُه فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالَى، قالَ ابنُ عبدِ السَّلامِ: ويَعزُّ وُجودُ هذا القَولِ مَنصوصًا عليهِ في المَذهبِ، وهي بالمَعنى المُرادِ: رَجعةٌ في الباطنِ فقطْ، يَجوزُ الاستِمتاعُ بها وتَلزمُه نَفقتُها لا في الظَّاهرِ، أي عندَ الحاكمِ إذا رُفِعَ ليُمنَعَ منها فادَّعى بعدَ العدَّةِ أنه كانَ راجَعَها بالنيةِ، فلا يُحكمُ بالرجعةِ؛ لخَفاءِ النيةِ فلا يُمكِنُ إثباتُها ولا يُصدَّقُ في دَعواهُ.

وأما مُجردُ قَصدِ أنْ يُراجعَها فلا يكونُ رَجعةً اتفاقًا.

وقالَ ابنُ الموَّازِ وصحَّحَه ابنُ بشِيرٍ: أنه لا رَجعةَ بالنيةِ؛ فنِيةُ الرجعةِ بالقلبِ لا تَنفعُ إلا مع فعلٍ مثلِ جَسَّةٍ لشَهوةٍ أو نظَرِ فَرجٍ وما قارَبَها، فإنْ لم يَفعلْ ذلكَ لم تَنفعْه النيةُ، وعليهِ فلو نوَى ثمَّ أصابَ فإنْ بعُدَ ما بينَهُما فليسَ برَجعةٍ، وإنْ تقدَّمَتِ النيةُ بيَسيرٍ فقَولانِ.

وتَظهرُ فائِدةُ كونِ الرجعةِ فيما بينَه وبينَ اللهِ فيما إذا انقضَتِ العدَّةُ وعاشَرَها مُعاشَرةَ الأزواجِ ورُفعَ للقاضي بسَببِ ذلكَ فأقامَ بيِّنةً على إقرارِه أنه راجَعَها قبلَ انقضاءِ العدَّةِ بالنيةِ؛ فإنَّ القاضي يَمنعُه منها، وإنْ ماتَتْ بعدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>