للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: يُعتبَرُ للوَديعةِ أَركانُ الوَكالةِ، ويَكفي القَبضُ قَبولًا للوَديعةِ كالوَكالةِ (١)، وقد تقدَّمَ هذا في كِتابِ الوَكالةِ.

تَنفسخُ الوَديعةُ بما تَنفسخُ به الوَكالةُ:

قالَ الشافِعيةُ: تَنفسخُ الوَديعةُ بما تَنفسخُ به الوَكالةُ مِنْ العَزلِ والجُنونِ والإِغماءِ والمَوتِ كما تَنفسخُ الوَكالةُ؛ لأنَّه وَكالةٌ في الحِفظِ فكانَ كالوَكالةِ في العَقدِ والفَسخِ، ويَجبُ الردُّ في مَسألةِ الجُنونِ، وإلى الوارِثِ في مَسألةِ المَوتِ (٢).

حَقيقةُ عَقدِ الوَديعةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حَقيقةِ الوَديعةِ هل هي عَقدٌ أم إِذنٌ مُجرَّدٌ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ -في الأَصحِّ عندَهم- والحَنابِلةُ إلى أنَّ الوَديعةَ عَقدُ تَوكيلٍ خاصٍّ مِنْ جِهةِ المُودِعِ، وتَوكُّلٌ مِنْ جِهةِ المُستودَعِ.

وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنَّ الوَديعةَ مُجرَّدُ إِذنٍ في الحِفظِ كالضِّيافةِ، فكما أنَّ الضِّيافةَ إذنٌ مِنْ المالِكِ للضَّيفِ في إِباحةِ الطَّعامِ المُقدَّمِ له دونَ أنْ يَكونَ فيها عَقدٌ أو تَمليكٌ، فكذلك الوَديعةُ مُجرَّدُ إِذنٍ مِنْ المُودِعِ للمُستودَعِ في حِفظِ مالِه، وليسَت عَقدًا.


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٣)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٤٨).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٥٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>