للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعضَهم أُولِي النُّهَى والرَّأيِ؛ ومنهم أعلامُ الهُدى ومَصابيحُ الدُّجَى، وجَعَل بَعضَهم مُبتَلًى بأساليبِ الرَّدَى فيما يَرجِعُ إلى المُعامَلاتِ، كالمَجنونِ -الذي هو عَديمُ العَقلِ- والمَعتوهِ -الذي هو ناقِصُ العَقلِ- والرقيقِ والصَّغيرِ، فأثبَتَ الحَجْرَ عليهم عن التَّصرُّفاتِ نَظَرًا مِنَ الشَّرعِ لهم، ورَكَّبَ اللهُ في البَشَرِ العَقلَ والهَوى، ورَكَّبَ في المَلائِكةِ العَقلَ دونَ الهَوى، ورَكَّبَ في البَهائِمِ الهَوى دونَ العَقلِ، فمَن غَلَب عَقلُه على هَواه كان مِنْ أفضَلِ الخَلقِ، ومن غَلَب هَواه على عَقلِه كان أرْدَى مِنَ البَهائِمِ (١).

أنواعُ الحَجرِ:

الحَجْرُ نَوعانِ:

النَّوعُ الأوَّلُ: الحَجْرُ لِحَقِّ الغَيرِ، كالحَجْرِ على المُفلِسِ لِحَقِّ الغُرَماءِ، وعلى الراهِنِ لِحَقِّ المُرتَهَنِ.

وعلى المَريضِ مَرَضَ المَوتِ المَخوفِ فيما زادَ على الثُّلُثِ مِنْ مالِه، لِحَقِّ الوَرَثةِ.

وعلى القِنِّ والمُكاتَبِ، لِحَقِّ السَّيِّدِ.

وعلى المُرتَدِّ، لِحَقِّ المُسلِمينَ؛ لأنَّ تَرِكَتَه فَيْءٌ، ورُبَّما تَصرَّفَ فيها تَصرُّفًا يَقصِدُ به إتلافَها لِيُفَوِّتَها عليهم.

والنَّوعُ الآخَرُ: الحَجْرُ لِحَظِّ نَفْسِه، كالحَجْرِ على صَغيرٍ ومَجنونٍ وسَفيهٍ لقَولِ اللهِ : ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء: ٥] الآية.


(١) «المبسوط» (٢٤/ ١٥٦)، و «البحر الرائق» (٨/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>