أجمَعَ أهلُ العِلمِ على جوازِ نكاحِ المُسلمِ للكِتابيةِ، وأنه لا يَجوزُ نكاحُ المُشرِكاتِ والمَجوسيةِ وأيِّ امرأةٍ لا تَدِينُ بدِينٍ سَماويٍّ كمَن عبَدَ ما استَحسنَ مِنْ الأصنامِ والأحجارِ والشجرِ والحَيوانِ أنه تَحرمُ نِساؤُهم؛ لقولِه تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾ [البقرة: ٢٢١]، وقولِه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]، فرخَّصَ مِنْ ذلكَ في أهلِ الكتابِ، فمَن عَداهُم يبقَى على ظاهرِ التحريمِ (١).
وقالَ اللهُ ﵎: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ إلى قولِه: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾، معناهُ أي: أُنزلَتْ عليكم لِئلَّا تقولُوا: «إنِّما أُنْزِلَ الكتابُ على طائِفتَينِ مِنْ قَبلِنا»، ولو كانَ المَجوسُ مِنْ أهل الكتابِ لَكانَ أهلُ الكتابِ ثَلاثَ طوائفَ، فيُؤدِّي إلى الخُلْفِ في خَبَرِه ﷿ وذلكَ مُحالٌ، على أنَّ هذا لو كانَ حكايةً عن قولِ المُشركِينَ لَكانَ دليلًا على ما قُلنا؛ لأنه حَكَى عنهم القولَ ولم يعقبْه بالإنكارِ عليهم والتكذيبِ إياهم، والحكيمُ إذا حكَى عَنْ مُنكَرٍ غيَّرَه.
وسُئلَ أحمَدُ: أيَصحُّ عن عليٍّ أنَّ للمَجوسِ كتابًا؟ فقالَ: هذا باطلٌ، واستَعظَمَه جِدًّا، ولو ثبَتَ أنَّ لهم كتابًا فإنَّ حُكمَ أهلِ الكتابِ لا يَثبتُ لغير أهلِ الكتابَينِ.