وقالَ ابنُ حَزمٍ ﵀: واتَّفقُوا على أنَّ طُلوعَ الفَجرِ المُعتَرِضِ إلى طُلوعِ قُرصِ الشَّمسِ وقتٌ لِلدُّخولِ في صَلاةِ الصُّبحِ لغيرِ مَنْ يَقضِيها (١).
الوقتُ المُختارُ لِلفَجرِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الوقتِ المُختار لِلفَجرِ، هل الأفضَلُ التَّغليسُ أو الإسفارُ؟
فذَهب الحَنفيَّةُ إلى أنَّ الإسفارَ بالفَجرِ أفضَلُ بأن يُبدَأَ بالإسفارِ ويُختَمَ بهِ؛ لحَديثِ رافِعِ بنِ خَديجٍ ﵁ قالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يَقولُ: «أسفِروا بالفَجرِ؛ فإنَّه أعظَمُ لِلأجرِ»، رَواه أبو داوُدَ والتِّرمِذِيُّ، وقالَ: حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ، وهَذا لَفظُ التِّرمِذِيِّ، وفِي رِوايةِ أبي داوُدَ: «أَصبِحوا بالصُّبحِ؛ فإنَّه أعظَمُ لِلأجرِ»، وعن عَبد اللهِ بنِ مَسعودٍ ﵁ قالَ: «ما رَأيتُ رَسولَ اللهِ ﷺ صلَّى صَلاةً لغيرِ مِيقاتِها، إلَّا صَلاتَينِ: جَمعَ بينَ المَغربِ والعِشاءِ بجَمعٍ، يَعني المُزدَلِفَةَ، وصلَّى الفَجرَ يَومئذٍ قبلَ ميقاتِها»، رَواهُ البُخارِيُّ ومُسلِمٌ، قالوا: ومَعلومٌ أنَّه لم يُصلِّها قبلَ طُلوعِ الفَجرِ، وإنَّما صلَّاها بعدَ طُلوعِه مُغَلِّسًا بِها، فدلَّ على أنَّه كانَ يُصلِّيها في جَميعِ الأيَّامِ غيرِ ذلك اليَومِ مُسفِرًا بِها.
قالُوا: لأنَّ الإسفارَ يُفيدُ كَثرةَ الجَماعةِ، واتِّصالَ الصُّفوفِ، ولأنَّ الإسفارَ يتَّسعُ بِه وقتُ التنَفُّلِ قبلَها، وما أفادَ كَثرةَ النَّافِلةِ كانَ أفضَلَ.
وحَدُّ الإسفارِ أن يَبدَأَ بالصَّلاةِ بعدَ انتِشارِ البَياضِ بقِراءةٍ مَسنونةٍ، فإن
(١) «مراتب الإجماع» ص (٢٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute