للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القيِّمِ : الحُكمُ بأربَعةِ رِجالٍ أحرارٍ، وذلكَ في حَدِّ الزنا واللِّواطِ، أمَّا الزنا فبالنَصِّ والإجماعِ، وأمَّا اللواطُ فقالَتْ طائِفةٌ: هو مَقِيسٌ عليه في نِصابِ الشَّهادةِ كما هو مَقيسٌ عليه في الحدِّ.

وقالَتْ طائفةٌ: بل هو داخِلٌ في مُسمَّى الزنِّا؛ لأنه وطءٌ في فَرجٍ مُحرَّمٍ، وهذا لا تَعرفُه العرَبُ، فقالَ هؤلاءِ: هو داخِلٌ في مُسمَّى الزنى شَرعًا (١).

إذا لم يَكتمِلْ شُهودُ الزنا:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه إنْ شَهدَ أقَلُّ مِنْ أربَعةٍ لا تُقبَلُ شهادتُهم، وهُم قَذَفةٌ يُحَدُّونَ جَميعًا حَدَّ القذفِ إذا طلَبَ المَشهودُ عليه ذلك؛ «لأنَّ أبَا بَكرةَ ونافعَ بنَ الحارِثِ وشِبْلَ بنَ مَعْبدٍ شَهدُوا على المُغيرةِ بنِ شُعبةَ بالزنى عندَ عُمرَ بنِ الخطَّابِ، ولمَّا لم يُصرِّحْ زيادٌ بذلكَ بل قالَ: رَأَيتُ أمرًا قَبيحًا فَرحَ عُمرُ وحَمِدَ اللهَ ولمْ يُقِمِ الحدَّ عَليهِ، وكانَ بمَحضرٍ مِنْ الصحابةِ، ولمْ يُنكَرْ» (٢)، فدَرَأَ عنه عُمرُ الحَدَّ؛ لأنه لمْ يُصرِّحْ بالقَذفِ، وضرَبَ الثلاثةَ حَدَّ القَذفِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإذا لم تَكملْ شُهودُ الزِّنا فعَليهِم الحدُّ في قولِ أكثَرِ أهلِ العلمِ، منهُم مالكٌ والشافِعيُّ وأصحابُ الرَّأيِ، وذكَرَ أبو الخطَّابِ فيهِم روايتَينِ، وحُكيَ عن الشافِعيِّ فيهِم قَولانِ: أحَدُهما: لا حَدَّ عليهم؛ لأنهُم شُهودٌ، فلم يَجبْ عليهم الحدُّ كما لو كانوا أربَعةً أحَدُهم فاسقٌ.


(١) «الطرق الحكمية» (١/ ٢٣٩).
(٢) صَحِيحٌ: رواه الطحاوي (٢/ ٢٨٦، ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>