نَصَّ الحَنفيةُ على أنَّه يُشترطُ في المَوهوبِ أنْ يَكونَ مَملوكًا في نَفسِه فلا تَجوزُ هِبةُ المُباحاتِ؛ لأنَّ الهِبةَ تَمليكٌ، وتَمليكُ ما ليسَ بمَملوكٍ مُحالٌ (١).
اختَلفَ الفُقهاءُ في الشَّيءِ المَوهوبِ، هل يُشترطُ أنْ يَكونَ مَحوزًا فلا تَصحَّ هِبةُ المَشاعِ أو لا يُشترطُ وتَصحُّ هِبةُ المَشاعِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ هِبةَ المَشاعِ صَحيحةٌ ويَتأتَّى فيها القَبضُ كما يَجوزُ فيها البَيعُ، وسَواءٌ كانَ المَشاعُ مما يَنقسِمُ كالدُّورِ والأرَضين، أو مما لا يَنقسِمُ كالعَبدِ والثِّيابِ والجَواهرِ، وسَواءٌ كانَ مما يُقبضُ بالتَّخليةِ أو مما يُقبضُ بالنَّقلِ والتَّحويلِ.
واستدَلُّوا على ذلك بقَولِه تَعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)﴾ [النساء: ٤] ففي هذه الآيةِ دَليلٌ على جَوازِ هِبةِ المَشاعِ فيما يُقسَمُ؛ لإباحةِ اللهِ تَعالى لها تَمليكَ نِصفِ الفَريضةِ إياه بعدَ الطَّلاقِ، ولم
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١١٩)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٧٤)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٢٤).