للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيلاءُ في اصطِلاحِ الفُقهاءِ:

قالَ الحَنفيةُ: الإيلاءُ عِبارةٌ عن اليَمينِ على تَركِ الوَطءِ في الزوجةِ مدَّةً مَخصوصةً بحَيثُ لا يُمكنُه الوَطءُ إلا بحِنثٍ يَلزمُه بسَببِ اليَمينِ (١).

وقيلَ: هو اليَمينُ على تَركِ قُربانِ الزوجةِ حالًا أو مآلًا -كقَولِه لأجنبيَّةٍ: «إنْ تزوَّجتُكِ فواللهِ لا أقرَبُكِ»؛ لأنَّ المُعتبَرَ وقتُ تَنجيزِ الإيلاءِ- أربَعةَ أشهُرٍ فصاعِدًا باللهِ تَعالى أو بتَعليقٍ ما يَستشِقُّه على القُربانِ (٢).

وعرَّفَ المالِكيةُ الإيلاءَ بأنه: حَلِفُ الزوجِ المُسلمِ المُكلَّفِ -ولو مَريضًا- المُمكِنِ وَطؤُه بكُلِّ ما يَدلُّ على تَركِ وَطءِ زَوجتِه، سواءٌ كانَ حَلفُه باللهِ أو بصِفةٍ مِنْ صفاتِه، أو بالطلاقِ أو بالعِتقِ، أو بمَشيٍ لمَكةَ أو بالتِزامِ قُربةٍ، أكثَرَ مِنْ أربَعةِ أشهُرٍ، تَصريحًا بالأكثَرِ، أو احتِمالًا له وللأقلِّ (٣).


(١) «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢٠٣)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٦١).
(٢) قالَ ابنُ الهُمامِ : وهو أَولى مِنْ قَولِه في «الكَنز» الحلِفُ على تَركِ قُربانِها أربَعةَ أشهُرٍ؛ لأنَّ مجرَّدَ الحلِفِ يَتحقَّقُ في نحوِ قولِه: «إنْ وَطئتُكِ فللهِ عليَّ أنْ أصلِّي ركعتَينِ، أو أغزوَ»، ولا يكونُ بذلكَ مُوليًا؛ لأنه ليس ممَّا يَشقُّ في نفسِه وإنْ تعلَّقَ إشقاقُه بعارضٍ ذَميمٍ في النفسِ مِنْ الجُبنِ والكسَلِ، بخلافِ «إنْ وَطئتُكِ فعليَّ حجٌّ، أو صِيامٌ، أو صَدقةٌ» فالمُولي حينئذٍ مَنْ لا يَخلو عن أحدِ المَكروهَينِ مِنْ الطلاقِ أو لُزومِ ما يَشقُّ عليه، وهو أَولى مِنْ قَولِهم: «مَنْ لا يَخلو عن أحَدِ المَكروهَينِ مِنْ الطلاقِ أو الكفَّارةِ»؛ لقُصورِ هذا عن نحوِ: «إنْ قرَبتُكِ فعبدُه حرٌّ، أو فُلانةُ طالِقٌ». «شرح فتح القدير» (٤/ ١٨٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٤٢٢).
(٣) وتَمثيلُ الأقلِّ ك: «إنْ وَطئتُها فعليَّ صومٌ، أو صَومُ يومٍ، أو شَهرٍ، أو عِتقُ عَبدٍ، أو عَبدِي فُلانٌ».
ومثالُ التَّصريحِ بالأكثَرِ: «واللهِ لا أطَؤُكِ حتى تَمضِي خَمسةُ أشهُرٍ، أو في هذهِ السنَةِ».
ومِثالُ المُحتمِلِ للأكثرِ: «لا أطؤُكِ حتى يَقدمَ زَيدٌ مِنْ سَفرِه». «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>