للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وُجودُ الماءِ المُطلقِ الطَّهورِ الكافي:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل مِنْ شَرطِ وُجوبِ الوُضوءِ وُجودُ الماءِ المُطلقِ الطَّهورِ الكافي لكلِّ أَعضاءِ الوُضوءِ أو يَجبُ الوُضوءُ وإنْ كانَ ما مَعه من الماءِ لا يَكفي لجَميعِ أَعضاءِ الوُضوءِ ثم يَتيمَّمُ للباقي؟

فنَصَّ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ على أنَّ مِنْ شُروطِ وُجوبِ الوُضوءِ وُجودَ الماءِ المُطلقِ الطَّهورِ الكافي، فلا يَجبُ الوُضوءُ على مَنْ عَدِمَ الماءَ أو على واجِدِ ماءٍ قَليلٍ لا يَكفيه، فلو غَسلَ بعضَ الأعضاءِ بما وجَدَه من الماءِ فعَملُه باطِلٌ ولا يَصحُّ أنْ يَكونَ وُضوءًا، فلا قُدرةَ إلا بالماءِ الكافي لجَميعِ الأَعضاءِ مَرةً مَرةً، وغيرُه كالعَدمِ.

ولأنَّ في الجَمعِ بينَهما جَمعًا بينَ بَدلٍ ومُبدَلٍ، فكانَ كمَن وجَدَ بعضَ الرَّقبةِ في الكَفارةِ، وهذا قَولُ أكثَرِ العُلماءِ.

ولأنَّ المُوالاةَ شَرطٌ عندَ مَنْ يَقولُ بها يَفوتُ بتَركِ غَسلِ الباقي فبطَلَت طَهارتُه، وحينَئذٍ يَلزمُه التَّيممُ ويَكونُ حُكمُه كفاقِدِ الماءِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ عندَهما إلى أنَّه يُشترطُ وُجودُ الماءِ المُطلقِ والعِلمُ بأنَّه مُطلقٌ، ولو ظَنًّا عندَ الاشتِباهِ، ولا يُشترطُ أنْ يَكونَ كافيًا لجَميعِ أَعضاءِ الوُضوءِ أو الغُسلِ، فإنْ وجَدَ ماءً لا يَكفيه لزِمَه استِعمالُه وتَيممَ للباقي؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ [النساء: ٤٣]،


(١) «البحر الرائق» (١/ ١٠)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ١٩٤)، و «مواهب الجليل» (١/ ١٨٢)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٣٧)، و «الخلاصة الفقهية» (١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>