صِيامٍ قالَ:«فلْيُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا»، ولمَّا أمَرَ سَلمةَ بنَ صَخرٍ بالصِّيامِ قالَ:«وهل أصَبْتُ الذي أصَبْتُ إلا مِنْ الصِّيامِ؟! قالَ: «فأَطعِمْ»، فنقَلَه إلى الإطعامِ لمَّا أخبَرَ أنه بهِ مِنْ الشَّبَقِ والشَّهوةِ ما يَمنعُه مِنْ الصِّيامِ، وقِسنَا على هذَينِ ما يُشبِهُهما في مَعناهُما.
ويَجوزُ أنْ يَنتقِلَ إلى الإطعامِ إذا عجَزَ عنِ الصِّيامِ للمَرضِ وإنْ كانَ مَرجُوَّ الزَّوالِ؛ لدُخولِه في قَولِه ﷾: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، ولأنه لا يعلمُ أنَّ له نهايَةً، فأشبَهَ الشَّبَقَ (١).
جِماعُ المظاهِرِ زوْجَتَه أثناءَ الإطعامِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في المُظاهرِ الذي وجَبَ عليهِ إطعامُ ستِّينَ مِسكينًا بسبَبِ كفَّارةِ الظِّهارِ، هل يَجوزُ له أنْ يُجامِعَ زَوجتَه خِلالَ مُدَّةِ الإطعامِ أم لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ (وعَبدُ المَلكِ بنُ الماجشُونِ مِنْ المالِكيةِ) إلى أنَّ عدَمَ المَسيسِ في خِلالِ الإطعامِ في كفَّارةِ الظِّهارِ ليسَ بشَرطٍ، حتى لو جامَعَ في خِلالِ الإطعامِ لا يَلزمُه الاستِئنافُ، فيَبنِي على ما قدَّمَه مِنْ الإطعامِ ويُتمِّمُه؛ لأنَّ اللهَ ﵎ لم يَشتَرطْ ذلكَ في هذهِ الكفَّارةِ؛ لقَولِه ﷾: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤] مِنْ غَيرِ شَرطِ تَركِ المَسيسِ، ولا يُحمَلُ الإطعامُ على الصِّيامِ؛
(١) «المغني» (٨/ ٢٤)، و «الإنصاف» (٩/ ٢٠٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٥٧).