للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَجوزُ الصُّلحُ في دَعوى حَدٍّ؛ لأنَّه حَقُّ اللهِ ، لا حَقُّه، ولا يَجوزُ الاعتياضُ عن حَقِّ غَيرِه، ولِهذا لا يَجوزُ الاعتياضُ إذا ادَّعتِ المَرأةُ نَسَبَ وَلَدِها؛ لأنَّه حَقُّ الوَلَدِ، لا حَقُّها، وسَواءٌ كان الحَدُّ في سَرِقةٍ أو قَذفٍ أو زِنًا، أمَّا الزِّنا والسَّرِقةُ فلأنَّ الحَدَّ فيهما حَقُّ اللهِ بلا خِلافٍ.

وأمَّا حَدُّ القَذفِ فإنَّه أيضًا حَقُّ اللهِ عندَنا، والمُغلَّبُ فيه حَقُّ الشَّرعِ.

فإنْ أخَذَ رَجُلٌ زانيًا أو سارِقًا أو شارِبَ خَمرٍ وأرادَ أنْ يَرفَعَه إلى الحاكِمِ فصالَحَه المأخوذُ على مالٍ لِيَترُكَ ذلك فالصُّلحُ باطِلٌ، وله أنْ يَرجِعَ عليه بما دُفِعَ إليه.

فإنْ وَقَع الصُّلحُ في حَدِّ القَذفِ قبلَ أنْ يُرفَعَ إلى القاضي لا يَجبُ بَدَلُ الصُّلحِ ويَسقُطُ الحَدُّ؛ لأنَّه أعرَضَ عن الدَّعوى، وإنْ صالَحَ فيه بعدَ التَّرافُعِ لا يَجبُ البَدَلُ ولا يَسقُطُ الحَدُّ.

ادِّعاءُ الرَّجُلِ على المَرأةِ نِكاحًا والعَكسُ:

وإذا ادَّعى رَجُلٌ على امرأةٍ نِكاحًا وهي تَجحَدُ فصالَحَتْه على مالٍ بَذَلَتْه له حتى يَترُكَ الدَّعوى جازَ، وكان في مَعنى الخُلعِ؛ لأنَّ أُمورَ المُسلِمينَ مَحمولةُ على الصِّحَّةِ إذا أمكَنَ حَملُها، وقد أمكَنَ حَملُها على هذا الوَجهِ.

وهذا في القَضاءِ، أمَّا فيما بَينَه وبَينَ اللهِ فلا يَحِلُّ له أنْ يأخُذَه إذا كان كاذِبًا.

وإنِ ادَّعتِ امرأةٌ نِكاحًا على رَجُلٍ فصالَحَها على مالٍ بَذَلَه لها لَم يَجُزْ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>