للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرَى»: ما جاءَ في رَجلٍ قتَلَ رَجلًا قتْلَ غِيلةٍ فصالَحَه وَليُّ المَقتولِ على مالٍ.

(قلتُ): أرَأيتَ إنْ قتَلَ رَجلٌ وليًّا لي قتْلَ غِيلةٍ فصالَحتُه على الديَةِ، أيَجوزُ هذا في قَولِ مالكٍ؟ (قالَ): لا، إنما ذلكَ إلى السلطانِ، ليسَ لكَ هاهُنا شَيءٌ، وتَردُّ ما أخَذْتَ منه، ويَحكمُ عليهِ السلطانُ بحُكمِ المُحارِبِ، فيَقتلُه السُّلطانِ بضربِ عُنقَه أو بصَلبِه إنْ أحَبَّ حيًّا فيَقتلُه مَصلوبًا، (قُلتُ): وهذا قولُ مالكٍ؟ (قالَ): أمَّا في القتلِ فكذلكَ قالَ لي مالكٌ وفي الصَّلبِ، وأما في الصُّلحِ فإنه لا يَجوزُ وهو رَأيِي؛ لأنَّ مالكًا قالَ: ليسَ لوُلاةِ الدمِ فيه قِيامٌ بالدمِ مثلَ العَمدِ، وإنما ذلكَ إلى الإمامِ يَرَى فيه رأيَه، يَقتلُه على ما يَرَى مِنْ أشنَعِ ذلكَ (١).

سُقوطُ القِصاصِ إذا عَفَا بعضُ أولياءِ القَتيلِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنه إذا كانَ للمَقتولِ أولياءُ يَستحقونَ القِصاصَ فعَفَى واحِدٌ منهُم سقَطَ القِصاصُ كلُّه وانتقلَ إلى الدِّيةِ؛ لأنَّ مِنْ شَرطِ وُجوبِ القِصاصِ اجتماعُ جَميعِ الأولياءِ على طَلبِه.

قالَ الإمامُ السَّرخسيُّ : ولا خِلافَ أنَّ أحَدَ الشَّريكينِ في الدمِ إذا عَفَا أنَّ للآخَرِ أنْ يَستوفِيَ المالَ (٢).


(١) «المدونة الكبرى» (١٦/ ٤٣٠).
(٢) «المبسوط» (٢٦/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>