للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثانيةُ: أنْ تَكونَ زانيةً ولم تُستبرَأْ مِنْ الزنا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المرأةِ الزانيةِ إذا زنَتْ ولم يَظهرْ عليها حَملٌ، هل يَصحُّ عقدُ النكاحٍ عليها أو وَطؤُها وإنْ لم تُستَبْرَأ؟ أم لا بدَّ مِنْ استبرائِها بالعدَّةِ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ وأبو يُوسفَ إلى أنه لا يَصحُّ عقدُ النكاحِ على الزانيةِ حتى تُستبْرَأَ.

قالَ المالِكيةُ: إذا زنَتِ المَرأةُ أو غُصِبَتْ وجَبَ عليها الاستبراءُ مِنْ وَطئِها بثلاثِ حِيَضٍ، ولا يجوزُ نكاحُها حتَّى تُستبْرَأَ؛ لقولِ النبيِّ : «لا يَحِلُّ لامرِئٍ يُؤمنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ يَسقيَ ماءَه زرْعَ غَيرِه» (١)، ولأنه لا يَلحقُ بالمتزوِّجِ، فلمْ يَجُزْ له العقدُ، وإنْ عقَدَ النكاحَ قبْلَ أنْ يَستبْرِئَها فهو كالناكحِ في العدَّةِ، ولا يَحلُّ لهُ أبدًا إنْ كانَ وطؤُه في ذلكَ.

قالَ مالكٌ: وإذا تزوَّجَ امرأةً حرَّةً فدخَلَ بها فجاءَتْ بولَدٍ بعدَ شهرِ إنهُ لا ينكحُها أبدًا؛ لأنهُ وطَأَها في عدَّةٍ.

قالَ ابنُ عبدِ البرِّ : أمَّا حُجةُ مالكٍ فإنه قاسَ استبراءَ الرَّحمِ مِنْ الزنى بثلاثِ حِيَضٍ في الحُرةِ على حُكمِ النكاحِ الفاسدِ المَفسوخِ؛ لأنَّ حُكمَ النكاحِ الفاسدِ عندَ الجَميعِ كالنكاح الصحيحِ في العدَّةِ، فكذلكَ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢١٥٨)، وأحمد (١٧٠٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>