للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُها: أنْ تَكونَ رِشوةً لتَقدُّمِها على المُحاكَمةِ، فيَجبُ رَدُّها على باذِلِها؛ فإنْ رَدَّها قبلَ الحُكمِ نفَذَ حُكمُه، وإنْ رَدَّها بعدَ الحُكمِ نُظرَ؛ فإنْ كانَ حُكمُه على الباذِلِ نفَذَ، وإنْ كانَ للباذِلِ ففي نُفوذِه وَجهانِ:

أحدُهما: يَنفذُ إذا وافَقَ الحَقَّ كما يَنفذُ للصَّديقِ.

والوَجهُ الآخَرُ: لا يَنفذُ، كما لا يَنفذُ لوالِدٍ ولا لوَلدٍ للتُّهمةِ بالمُمايَلةِ.

والقِسمُ الثاني: أنْ تَكونَ الهَديةُ جَزاءً لتأخُّرِها عن الحُكمِ، فيَجبُ رَدُّها على مُهديها، والحُكمُ معها نافِذٌ، سَواءٌ كانَ الحُكمُ للمُهدِي أو عليه.

والقِسمُ الثالِثُ: أنْ تَخرجَ الهَديةُ عن الرِّشوةِ والجَزاءِ لابتِداءِ المُهدِي بها تبَرُّعًا، فلا يَجوزُ أنْ يَتملكَها القاضِي لحَظرِها عليه، وفيها وَجهانِ:

أحدُها: تُردُّ على مُهديها لفَسادِ الهَديةِ.

والوَجهُ الثاني: تُوضعُ في بَيتِ المالِ، لبَذلِها طَوعًا لنائِبِ المُسلِمينَ.

فَصلٌ: الهَديةُ على الشَّفاعةِ:

رَوى عبدُ اللهِ بنُ أَبي جَعفرٍ عن خالِدِ بنِ أَبي عِمرانَ عن القاسِمِ بنِ أَبي أُمامةَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «مَنْ شفَعَ لأحَدٍ شَفاعةً فأَهدى له هَديةً فقبِلَها فقد أَتى بابًا عَظيمًا من الرِّبا» (١)، وهذا الحَديثُ -وإنْ كانَ مُرسلًا- سيَظهرُ في الاستِدلالِ به على ما يُوجبُه حُكمُ الأُصولِ، ومُهاداةُ الشافِعِ مُعتبَرةٌ بشَفاعتِه، وهي على ثَلاثةِ أقسامٍ:


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٢٢٣٠٥)، وأبو داود (٣٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>