ذهَب الجُمهورُ مِنْ المَذاهبِ الأربَعةِ إلى أنَّه لا يَجوزُ أنْ يُدفَنَ رَجلانِ في قبْرٍ واحِدٍ مِنْ غيرِ ضَرورةٍ، فإنْ حصَلَت ضَرورةٌ، بأنْ كثُرَ القَتلى أو المَوتى في وَباءٍ أو هَدمٍ أو غَرقٍ أو غيرِ ذلك، وعسُرَ دَفنُ كلِّ واحِدٍ في قبْرٍ، يَجوزُ دَفنُ الاثنَينِ والثَّلاثةِ وأكثَرَ في قبْرٍ بحَسَبِ الضَّرورةِ.
لِما رَواه جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ ﵄ قالَ:«كانَ النَّبيُّ ﷺ يَجمَعُ بينَ الرَّجلَينِ مِنْ قَتلَى أُحدٍ في ثَوبٍ واحِدٍ، ثُم يَقولُ: أَيُّهم أَكثَرُ أَخذًا لِلقُرآنِ؟ فإذا أُشِيرَ له إلى أَحدِهما قدَّمَه في اللَّحدِ، وقالَ: أنا شَهِيدٌ على هَؤلاءِ يَومَ القِيامَةِ، وأمَرَ بدَفنِهم في دِمائِهم، ولَم يُغسَّلُوا، ولَم يُصلَّ عليهم»(١).
فإذا دُفنَ اثنانِ فأكثَرُ في قبْرٍ واحِدٍ يُقدَّمُ أفضَلُهم إلى القِبلةِ ويُجعَلُ بَينَهم حاجِزٌ مِنْ تُرابٍ عندَ الجُمهورِ، خِلافًا لِأشهَبَ مِنْ المالِكيةِ؛ حيثُ قالَ: لا يُجعَلُ بينَهما حاجِزٌ مِنْ التُّرابِ، وذلك لأنَّه لا مَعنى له إلا التَّضيقُ.
وأمَّا دَفنُ المَرأةِ مع الرَّجلِ في قَبرٍ واحِدٍ: