المَسألةُ الثَّانيةُ: استِئجارُ الأرضِ لِلزِّراعةِ ولا ماءَ لها يَكفيها:
اشترَطَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ لِلأرضِ التي يَصحُّ استِئجارُها لِلزِّراعةِ أنْ تَكونَ الزِّراعةُ فيها مُتيَسِّرةً مِنْ وُصولِ الماءِ إلَيها على الدَّوامِ، وأنْ تَكونَ غيرَ سَبِخةٍ، والسَّبِخةُ: المالِحةُ، أي: التي لا تُنبِتُ، وقيلَ: هي التي لا تُنبِتُ عُمُومًا.
فَإنْ كانَ الماءُ يَصِلُ إلَيها على الدَّوامِ مِنْ عَينٍ أو بِئرٍ أو نَهَرٍ، ولَو صَغيرًا، أو كانَ مِنْ المَطَرِ المُعتادِ أو ماءِ الثُّلوجِ المُجتَمِعةِ في نَحوِ جَبَلٍ يَكفيها، صَحَّتْ إجارَتُها لِلزِّراعةِ إذا لَم تكُنْ سَبِخةً عندَ جُمهورِ أهلِ العِلمِ، المالِكيَّةِ، والشَّافعيَّةِ في المَذهبِ، والحَنابِلةِ.
فَإنْ كانَتْ سَبِخةً لا تُنبِتُ، أو لا يَصِلُ إلَيها الماءُ على الدَّوامِ، ولا يَكفيها المَطَرُ المُعتادُ لا يَصحُّ إجارَتُها لِلزِّراعةِ.
وَكلُّ أرضٍ لا يَصحُّ استِئجارُها لِلزِّراعة لَوِ اكتَراها لِيَنزِلَ فيها أو يَسكُنَها، أو يَجمَعَ الحَطَبَ فيها، أو يَربِطَ الدَّوابَّ، جازَ (١).
قالَ الحَنفيَّةُ: يُشترَطُ في الأرضِ أنْ تَكونَ صالِحةً لِلزِّراعةِ، حتى لَو كانَتْ سَبِخةً أو نَزَّةً لا تَجوزُ إجارَتُها.
(١) «الذخيرة» (٥/ ٤١١)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٢١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٦٨)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١١، ١٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٣٢، ٣٣٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٥، ٣٨٦)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣١٠)، و «الديباج» (٢/ ٤٦٠، ٤٦١)، و «كنز الراغبين مع حاشية عميرة» (٣/ ١٧٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٦٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٠)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦١٦).