للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِه لا تَختلِفُ، وتَكونَ نَفقةَ المالَيْن بقَدْرِ الحِصَصِ، ورِبحُ مالِ القِراضِ كلُّه لِرَبِّ المالِ؛ لِفَسادِ القِراضِ، ولِلعامِلِ أُجرةُ مِثلِ عَملِه فيه، ولا يُوجبَ له أُجرةَ كلِّ العَملِ؛ لأنَّ عَملَه قد تَوزَّعَ على مالِه ومالِ القِراضِ (١).

وقال الحَنابِلةُ: ليس لِلمُضارِبِ أنْ يَخلِطَ مالَ المُضاربةِ بمالِه؛ فإنْ فعَل ولَم يَتمَيَّزْ ضَمِنه؛ لأنَّه أمانةٌ، فهو كالوَديعةِ؛ فإنْ قال له: «اعمَلْ برأيكَ» جازَ له ذلك؛ لأنَّه قد يَرى الخَلطَ أصَحَّ له، فيَدخُلُ في قَولِه: «اعمَلْ برأيِك»، وهكَذا القَولُ في المُشاركةِ به ليس له فِعلُها إلا أنْ يَقولَ: «اعمَلْ برأيِك» فيَملِكَها (٢).

١٥ - المُضارِبُ يُضارِبُ بمالِ المُضارَبةِ:

اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ -إلا وَجهًا ضَعيفًا عندَ الحَنابِلةِ- على أنَّه لا يَجوزُ لِلمُضارِبِ أنْ يُضارِبَ غَيرَه إلا أنْ يأذَن له رَبُّ المالِ صَريحًا باتِّفاقِهم، أو يَقولَ له: «اعمَلْ برأيِك»، عندَ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ الشَّيءَ لا يَتضمَّنُ مِثلَه؛ لأنَّ المُضارَبةَ مِثلُ المُضاربةِ، فلا يُستفادُ بمُطلَقِ عَقدِ المُضاربةِ مِثلُه؛ لِتَساويهما في القُوَّةِ، فلا بُدَّ مِنَ التَّنصيصِ عليه أو التَّفويضِ المُطلَقِ إليه كالوَكيلِ لا يَملِكُ التَّوكيلَ إلا بقَولِ الأصيلِ: «اعمَلْ برأيِكَ»، بخِلافِ الإبضاعِ والإيداعِ؛


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٣٢٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦١).
(٢) «المغني» (٥/ ٢٩، ٣٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>