للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عادَ إلى الإسلامِ، ولا يُمتحَنُ بغيرِ ذلكَ، ولا يُسألُ عن سِواهُ، وكذلكَ إنْ قالَ: «الخَمرُ حَلالٌ أو لَحمُ الخِنزيرِ» وهو مُقِرٌّ بجَميعِ ما أحَلَّ اللهُ تعالَى وحرَّمَ سِوى الخَمرِ أو الخِنزيرِ، فإنما يُستتابُ مِنْ البابِ الذي كفَرَ منه مِنْ إحلالِه الخَمرَ والخِنزيرَ فقط؛ لأنه مُؤمنٌ بما سِوى ذلكَ (١).

ما يَصيرُ به الكافِرُ مُسلِمًا:

نَصَّ عامةُ الفُقهاءِ على أنَّ الكافِرَ يَصيرُ مُسلِمًا إذا أتَى بالشَّهادتَينِ، وكذا إذا قالَ: «أسلَمْتُ، أو آمَنْتُ» عندَ كَثيرٍ مِنْ الفُقهاءِ؛ لِمَا رواهُ الشيخانِ عن عُبيدِ اللهِ بنِ عَديِّ بنِ الخِيارِ أنَّ المِقدادَ بنَ عَمرٍو الكندِيَّ وكانَ حَليفًا لبَنِي زُهرةَ وكانَ ممَّن شَهِدَ بَدرًا مع رَسولِ اللهِ أخبَرَه أنه قالَ لرَسولِ اللهِ : «أرَأيتَ إنْ لَقيتُ رَجلًا مِنْ الكُفَّارِ فاقتَتَلْنا فضرَبَ إحدَى يَديَّ بالسَّيفِ فقطَعَها ثمَّ لاذَ منِّي بشَجرةٍ فقالَ: أسْلَمْتُ للَّهِ، أأَقتُلُه يا رَسولَ اللهِ بعدَ أنْ قالَها؟ فقالَ رَسولُ اللهِ : لا تَقتلْه، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ إنه قطَعَ إحدَى يَديَّ ثمَّ قالَ ذلكَ بعدَ ما قطَعَها، فقالَ رَسولُ اللهِ : لا تَقتلْه، فإنْ قتَلْتَه فإنه بمَنزلتِكَ قبلَ أنْ تَقتلَه وإنكَ بمَنزلتِه قبلَ أنْ يَقولَ كَلمتَه التي قالَ» (٢).

قالَ الحَنفيةُ: والأصلُ فيه أنَّ الكافرَ إذا أقَرَّ بخِلافِ ما اعتَقدَه حُكمَ بإسلامِه، فمَن يُنْكِرُ الوَحدانيةَ كالثَّنويةِ وعَبدةِ الأوثانِ والمُشرِكينَ والمانَويةِ


(١) «المبدع» (٩/ ١٨٢).
(٢) رواه البخاري (٣٧٩٤)، ومسلم (٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>