للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - الاستِئجارُ على المُضاربةِ:

نَصَّ فُقهاءُ المَذاهِبِ الأربَعةِ على أنَّ لِلمُضارِبِ أنْ يَستأجرَ مِنْ مالِ المُضاربةِ إذا كان المالُ كَثيرًا لا يَستطيعُ القيامَ بجَميعِه، أو كانت العادةُ ألَّا يَتولَّى هذه الأعمالَ بنَفْسِه؛ فإنِ استأجَرَ ولا حاجةَ لِلاستِئجارِ ضَمِن.

قال الحَنفيَّةُ: يَجوزُ لِلمُضارِبِ أنْ يَستأجرَ مَنْ يَعمَلُ في المالِ؛ لأنَّه مِنْ عادةِ التُّجارِ وضَروراتِ التِّجارةِ أيضًا؛ لأنَّ الإنسانَ قد لا يَتمكَّنُ مِنْ جَميعِ الأعمالِ بنَفْسِه فيَحتاجُ إلى الأجيرِ.

وله أنْ يَستأجرَ البُيوتَ لِيَجعلَ المالَ فيها؛ لأنَّه لا يَقدِرُ على حِفظِ المالِ إلا به، وله أنْ يَستأجِرَ السُّفُنَ والدَّوابَّ لِلحَملِ؛ لأنَّ الحَملَ مِنْ مَكانٍ إلى مَكانٍ طَريقٌ يَحصُلُ به الرِّبحُ ولا يُمكِنُه النَّقلُ بنَفْسِه (١).

وقال المالِكيَّةُ: وعلى العامِلِ ما جَرَت العادةُ به، كالنَّشرِ والطَّيِّ لِلثِّيابِ الخَفيفَيْن، لا الكَثيرَيْن مما لَم تَجْرِ العادةُ به، وعليه الأجرُ مِنْ مالِه إنِ استأجَر على ذلك، لا على رَبِّ المالِ، ولا مِنَ الرِّبحِ، ومِثلُ ما ذُكِر النَّقلُ الخَفيفُ.

وأمَّا ما جَرَت العادةُ ألَّا يَتولَّاه، وتَولَّاه وهو مِنْ مَصلحةِ المالِ فله أجرُه إنِ ادَّعى أنَّه عَملُه لِيَرجِعَ بأجرِه، وخالَفَه رَبُّ المالِ بيَمينٍ؛ لأنَّها دَعوى بشَيءٍ مَعروفٍ، فتَتوجَّهُ عليه اليَمينُ حيث كانت دَعوى رَبِّ المالِ أنَّ


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٨٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٦)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٩)، و «اللباب» (١/ ٥٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>