للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحدِثُه اللَّهُ مِنْ الحَبِّ بسَقْيِه وعَملِه، وهَكَذا مُستَأجِرُ الشَّاةِ لِلَبنِها، سَواءٌ مَقصودُه ما يُحدِثُه اللَّهُ مِنْ لَبنِها، بعَلْفِها وحِفظِها والقِيامِ عليها، فلا فَرقَ بَينَهما ألبتَّةَ إلَّا ما لا تُناطُ به الأحكامُ مِنْ الفُروقِ المُلغاةِ، وتَنظيرُكم بالِاستِئجارِ لِحَفرِ البِئرِ تَنظيرٌ فاسِدٌ، بَلْ نَظيرُ حَفْرِ البِئرِ أنْ يَستَأجِرَ أكَّارًا لِحَرْثِ أرضِه، ولِيَبذُرَها ويَسقِيَها، ولا رَيبَ أنَّ تَنظيرَ إجارةِ الحَيَوانِ لِلَبنِه بإجارةِ الأرضِ لِمَغلِها هو مَحضُ القياسِ، وهو كَما تَقدَّمَ أصَحُّ مِنْ التَّنظيرِ بإجارةِ الخُبزِ لِلأكلِ.

يُوضِّحُه الوَجهُ العاشِرُ: وهو أنَّ الغَرَرَ والخَطَرَ الذي في إجارةِ الأرضِ لِحُصولِ مَغْلِها أعظَمُ بكَثيرٍ مِنْ الغَرَرِ الذي في إجارةِ الحَيَوانِ لِلَبنِه؛ فإنَّ الآفاتِ والمَوانِعَ التي تَعرِضُ لِلزَّرعِ أكثَرُ مِنْ آفاتِ اللَّبنِ، فإذا اغتُفِرَ ذلك في إجارةِ الأرضِ فلَأنْ يُغتَفَرَ في إجارةِ الحَيَوانِ لِلَبنِه أَوْلَى وأحْرَى.

فالأقوالُ في العَقدِ على اللَّبنِ في الضَّرعِ ثَلاثةٌ:

أحَدُها: مَنْعُه بَيعًا وإجارةً، وهو مَذهَبُ أحمدَ، والشَّافِعيِّ، وأبي حَنيفَةَ.

والثَّاني: جَوازُه بَيعًا وإجارةً.

والثَّالث: جَوازُه إجارةً، لا بَيعًا، وهو اختيارُ شَيخِنا (١).

المَسألةُ الثالِثةُ: إجارةُ النَّهَرِ والقَناةِ والبِئرِ لِمائِها:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ إجارةِ ماءٍ في نَهَرٍ أو بِئرٍ أو قَناةٍ أو عَينٍ، هَلْ يَجوزُ أو لا؟


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٨٢٣، ٨٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>