وأمَّا إنْ كانَتِ الزِّيادةُ مِنْ العامِلِ فقَد خَرَجا عَنها أيضًا إلى بَيعِ الثَّمرةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها؛ فكَأنَّه اشترَى منه الجُزءَ المُسمَّى له في المُساقاةِ بما دفعَ مِنْ الدَّنانيرِ أو الدَّراهِمِ أو العُروضِ، وبِأُجرةِ عَملِه، فوجبَ أنْ يُرَدَّ إلى أُجرةِ مِثلِه، ويَأخُذَ مِنْ ربِّ الحائِطِ ما زادَ، ولا شَيءَ له مِنْ الثَّمرةِ.
ثانيًا: تَجِبُ مُساقاةُ المِثلِ إنْ لَم يَكونا خَرَجًا عن المُساقاةِ؛ وإنَّما جاءَها الفَسادُ مِنْ جِهةِ أنَّهما عَقَداها على غَرَرٍ أو نَحوِ ذلك؛ فإنَّ الواجِبَ مُساقاةُ المِثلِ.
والفَرقُ بَينَها وبَينَ أُجرةِ المِثلِ أنَّ أُجرةَ المِثلِ مُتعلِّقةٌ بالذِّمةِ، ويَكونُ العامِلُ أحَقَّ بالثَّمرةِ في الفَلَسِ، لا المَوتِ، هذا في المُساقاةِ، وأمَّا ما يُرجَعُ فيه في القِراضِ بأُجرةِ المِثلِ فلا يَكونُ أحَقَّ به، لا في فَلَسٍ ولا في مَوتٍ، وأمَّا مُساقاةُ المِثلِ فمُتعلِّقةٌ بالثَّمرةِ، ويَكونُ العامِلُ أحَقَّ بالثَّمرةِ مِنْ الغُرَماءِ في المَوتِ والفَلسِ، وكذلك ما يُرَدُّ فيه في القِراضِ لِقِراضِ المِثلِ، يَكونُ العامِلُ أحَقَّ به في المَوتِ والفَلَسِ.
والمَسائِلُ التي يَجِبُ فيها مُساقاةُ المِثلِ تِسعٌ:
الأُولَى: أنْ يُساقيَه على حائِطَيْنِ، أحَدُهما قد أطعَم، والآخَرُ لَم يُطعِمْ، أو يُساقيَه على حائِطٍ واحِدٍ فيه ثَمرٌ قد أطعَم، وفيه ثَمرٌ لَم يُطعِمْ، وليسَ تَبَعًا؛ لأنَّه بَيعُ ثَمرٍ مَجهولٍ بشَيءٍ مَجهولٍ.
الثَّانيةُ: أنْ تَجتَمِعَ مع بَيعٍ كانَ يَبيعُه سِلعةً مع المُساقاةِ، والإجارةُ مِثلُ البَيعِ، وما أشبَهَ، ذلك ممَّا يَمتَنِعُ اجتِماعُه مع المُساقاةِ.
الثَّالثةُ: إذا اشترَطَ العامِلُ على ربِّ الحائِطِ أنْ يَعمَلَ معه في الحائِطِ لِجَوَلانِ يَدِه على حائِطِه، وأمَّا لَو كانَ المُشتَرِطُ ربَّ الحائِطِ ففيه أُجرةُ المِثلِ.