للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تَواطأَ جَماعةٌ على ذلك فإنَّهم يَستَحِقُّونَ التَّعزيرَ البَليغَ الذي يَردَعُهم وأمثالَهم عن مِثلِ هذه الخيانةِ، ومِن تَعزيرِهم أنْ يُمنَعوا مِنْ المُناداةِ حتى تَظهَرَ تَوبَتُهم، واللَّهُ أعلَمُ (١).

التَّواطُؤُ على تَركِ المُزايَدةِ بعدَ سِعرٍ مُحدَّدٍ:

نَصَّ المالِكيَّةُ وابنُ تَيميَّةَ على أنَّ التَّواطُؤَ على تَركِ المُزايَدةِ إنْ تَمَّ بينَ أحَدِ الحاضِرينَ وآخَرَ، بأنْ يَسألَه تَركَ المُزايَدةِ فلا بَأْسَ به، قالَ المالِكيَّةُ: ولو كانَ ذلك في نَظيرِ شَيءٍ مِنْ المالِ يَجعَلُه لِمَنْ كَفَّ عن الزِّيادةِ، كما لو قالَ له: كُفَّ عن الزِّيادةِ ولَكَ دِينارٌ، أو قالَ له: كُفَّ عن الزِّيادةِ ونحن شَريكانِ في السِّلعةِ، وذلك لأنَّ بابَ المُزايَدةِ مَفتوحٌ، وإنَّما ترَك أحَدُهما مُزايَدةَ الآخَرِ.

أمَّا إنْ تَمَّ التَّواطُؤُ بينَ جَميعِ الحاضِرينَ على الكَفِّ عن الزِّيادةِ فلا يَجوزُ؛ لِمَا فيه مِنْ الضَّرَرِ على البائِعِ.

ومِثلُ تَواطُؤِ الجَميعِ تَصرُّفُ مَنْ حُكمُهم كمَجموعةٍ مُتَحكِّمةٍ في سُوقِ المُزايَدةِ، أو شَيخِ السُّوقِ. والهَدَفُ مِنْ التَّواطُؤِ قد يَكونُ الِاشتِراكَ بينَهم في تَملُّكِ السِّلعةِ المَبيعةِ بأقلَّ مِنْ قِيمَتِها؛ لِاقتِسامِها بينَهم، وقد يَكونُ بتَخصيصِ سِلعةٍ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهم، لِيَشتَريَها بأقلَّ مِنْ قِيمَتِها دونَ مُنازَعةِ الآخَرينَ له، وفي الحالَتَيْنِ ضَرَرٌ بالبائِعِ وبَخسٌ لِسِلعَتِه، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ [الأعراف: ٨٥]، فإنْ وقَع التَّواطُؤُ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>