مُتعذِّرٌ في عَصرِنا لخُلوِّ العَصرِ عن المُجتهدِ المُستقلِّ، فالوَجهُ تَنفيذُ قَضاءِ كلِّ مَنْ ولَّاه سُلطانٌ ذو شَوكةٍ، وإنْ كانَ جاهلًا أو فاسقًا كيلا تَتعطلَ مَصالحُ الناسِ»، وقالَ ابنُ الصَّلاحِ في «مُشكل الوَسيطِ»: «ما ذكَرَه يُوجهُ به إِجماعُ الأُمةِ على تَنفيذِ أَحكامِ الخُلفاءِ الظَّلمةِ وأَحكامِ مَنْ وَلُّوا، غيرَ أنَّه يُوردَ عليه ما إذا وَلى السُّلطانُ قاضيًا كافرًا فإنَّه لا تَنفذُ أَحكامُه معَ وُجودِ الضَّرورةِ». اه.
على أنَّ ابنَ يُونسَ في شَرحِ الوَجيزِ قالَ:«الظاهرُ أنَّ الإِسلامَ شَرطٌ في ذي الشَّوكةِ، قالَ: وقد ظهَرَ في بعضِ البِلادِ الشَّوكةُ للكُفارِ، فلو قلَّدَ الكافرُ ذو الشَّوكةِ مُسلمًا القَضاءَ فهل يَصحُّ أم لا؟ معَ أنَّ الظاهرَ أنَّه لا سَبيلَ إلى تَعطيلِ الأَحكامِ». اه.
وقالَ ابنُ عبدِ السَّلامِ:«الظاهرُ نُفوذُه»(١).
الشَّرطُ السادسُ: العَدالةُ:
اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُشترطُ في القاضِي أنْ يَكونَ عَدلًا فلا يَصحُّ تَوليةُ الفاسقِ، أم إنَّ العَدالةَ شَرطُ كَمالٍ وليسَتْ شَرطَ صِحةٍ فيَصح تَوليةُ الفاسقِ ويَنفذُ حُكمُه إذا لمْ يَتجاوزْ فيها حدَّ الشَّرعِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يُشترطُ في القاضِي العَدالةُ، والعَدالةُ: أنْ يَكونَ صادقَ اللَّهجةِ، ظاهرَ الأَمانةِ، عَفيفًا عن المَحارمِ، مُتوقِّيًا المَأثمَ، بَعيدًا مِنْ الرِّيبِ، مَأمونًا في الرِّضا والغَضبِ،