للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشِّراكَ وجَميعَ ما يَصنَعُ نَعلًا، ثم يَستأجِرُ على الحَذوِ، وكذلك حُكمُ استِصناعِ الأواني.

وجَوَّزَ الاستِصناعَ في ذلك أبو حَنيفةَ، وقال: إنَّ الصانِعَ والمُستَصنِعَ بالخيارِ، قال أصحابُنا: لو صَحَّ لَزِمَ (١).

وقال الحَنابِلةُ: ولا يَصحُّ استِصناعُ سِلعةٍ بأنْ يَبيعَه سِلعةً يَصنَعُها له؛ لأنَّه باعَ ما ليس عِندَه على غيرِ وَجْهِ السَّلَمِ (٢).

شُروطُ جَوازِ الاستِصناعِ:

مما تَقدَّم ذِكرُه تَبيَّنَ أنَّ الحَنفيَّةَ هُمْ الذين أجازوا عَقدَ الاستِصناعِ دونَ غَيرِهم مِنَ الفُقهاءِ، واشتَرَطوا لِجَوازِ الاستِصناعِ شُروطًا ثَلاثةً إذا فاتَتْ -أو فاتَ واحِدٌ منها- فَسَدَ العَقدُ وكان له حُكمُ البَيعِ الفاسِدِ الذي يَنقُلُ المِلكيَّةَ بالقَبضِ مِلكًا خَبيثًا لا يُجيزُ الانتِفاعَ به، ولا الاستِعمالَ، ويَجبُ إزالةُ سَبَبِ الفَسادِ احتِرامًا لِنظامِ الشَّرعِ، وهذه الشُّروطُ منها ما هو مُتَّفَقٌ عليه عندَهم، ومنها ما هو مُختَلَفٌ فيه، وهي ما يَلي:

١ - بَيانُ جِنسِ المَصنوعِ ونَوعِه وقَدْرِه وصِفَتِه؛ لأنَّه لا يَصيرُ مَعلومًا بدونِه، والعِلمُ يَحصُلُ بهذا، فإذا كان أحَدُ هذه العَناصِرِ مَجهولًا فَسَدَ العَقدُ؛ لأنَّ الجَهالةَ المُفضيةَ لِلمُنازَعةِ تُفسِدُ العَقدَ، وبِناءً عليه إذا استَصنَعَ شَخصٌ شَيئًا ما بينَ نَوعَه وجِنسَه ومَقاسَه وحَجمَه وأوصافَه وعَدَدَه


(١) «النجم الوهاج» (٤/ ٢٥٧).
(٢) «الفروع» (٤/ ١٨)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٠٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>