للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الضَّمانِ والكَفالةِ بالنَّفْسِ:

اختَلَف العُلماءُ في الكَفالةِ بالنَّفْسِ، أمَّا الكَفالةُ بالمالِ فلا خِلافَ في جَوازِها، كما سيأتي إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.

وأجازَ جُمهورُ الفُقهاءِ الكَفالةَ بالنَّفْسِ إلا قَولًا لِلشافِعيِّ في (الجَديدِ).

قال المرغينانيُّ : (والكَفالةُ ضَربانِ، كَفالةٌ بالنَّفْسِ وكَفالةٌ بالمالِ.

فالكَفالةُ بالنَّفْسِ جائِزةٌ، والمَضمونُ بها إحضارُ المَكفولِ به، وقال الشافِعيُّ : لا يَجوزُ؛ لأنَّه كُفِل بما لا يَقدِرُ على تَسليمِه؛ إذْ لا قُدرةَ له على نَفْسِ المَكفولِ به، بخِلافِ الكَفالةِ بالمالِ؛ لأنَّ له وِلايةً على مالِ نَفْسِه.

ولنا: قَولُه : «الزَّعيمُ غارِمٌ» (١)، وهذا يُفيدُ مَشروعيَّةَ الكَفالةِ بنَوعَيْها؛ ولأنَّه يَقدِرُ على تَسليمِه بطَريقةٍ بأنْ يَعلَمَ الطالِبُ مَكانَه فيُخليَّ بينَه وبينَه، أو يَستعينَ بأعوانِ القاضي في ذلك، والحاجةُ ماسَّةٌ إليه، وقد أمكَنَ تَحقُّقُ مَعنى الكَفالةِ، وهو الضَّمُّ في المُطالَبةِ فيه) (٢).

وقال ابنُ رُشدٍ : (وأمَّا الحَمالةُ بالنَّفْسِ، وهي التي تُعرَفُ بضَمانِ الوَجهِ، فجُمهورُ فُقهاءِ الأمصارِ على جَوازِ وُقوعِها شَرعًا، إذا كانَتْ بسَبَبِ المالِ، وحُكيَ عن الشافِعيِّ في (الجَديدِ) أنَّها لا تَجوزُ، وحُجَّتُه قَولُهُ تَعالى: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ﴾ [يوسف: ٧٩]؛


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: سيَأتي تَخريجُه.
(٢) «الهداية شرح البداية» (٣/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>