للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل الشُّفعةُ على الفَورِ أو على التَّراخي؟

الشَّفيعُ إمَّا أنْ يَكونَ حاضِرًا وإمَّا أنْ يَكونَ غائِبًا، وفي كلٍّ منهما إمَّا أنْ يَعلمَ بالشُّفعةِ وإمَّا ألَّا يَعلَمَ.

الحالةُ الأُولى: أنْ يَكونَ الشَّفيعُ حاضِرًا:

الشَّفيعُ إذا كانَ حاضِرًا ولم يَعلَمْ بالشُّفعةِ لم تَسقُطْ شُفعتُه بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ وإنْ طالَ الزَّمانُ؛ لأنَّ هذا خيارٌ لإِزالةِ الضَّررِ، فلا يَسقُطُ بالجَهلِ به، كما لو اشتَرى شَيئًا مَعيبًا، ولم يَعلَمْ بالعَيبِ إلا بعدَ زَمانٍ طَويلٍ.

أمَّا إذا علِمَ بالشُّفعةِ وتَمكَّنَ من طَلبِها فهل يَلزمُه أنْ يَطلُبَها وَقتَ العِلمِ مُباشَرةً أو يَجوزُ له تأخيرُ الطَّلبِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ طَلبَ الشُّفعةِ على الفَورِ، فإذا علِمَ بها وتَمكَّنَ من طَلبِها لزِمَه أنْ يَطلُبَها على الفَورِ، فإنْ أخَّرَ الطَّلبَ سقَطَت شُفعتُه، وذلك لمَا رَواه ابنُ ماجَه عن ابنِ عُمرَ مَرفوعًا: «الشُّفعةُ كَحَلِّ العِقالِ» (١)، مَعناه أنَّها تَفوتُ عندَ عَدمِ المُبادرةِ كما يَفوتُ البَعيرُ الشَّرودُ إذا حُلَّ عِقالُه ولم يُبتَدَرْ إليه.

ولأنَّه خيارٌ لدَفعِ الضَّررِ عن المالِ فكانَ على الفَورِ كخيارِ الرَّدِّ بالعَيبِ، ولأنَّ إِثباتَه على التَّراخي يَضرُّ المُشتَريَ لكَونِه لا يَستقِرُّ مِلكُه على


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٥٠٠) قالَ البوصيري (٣/ ٩١): هذا إِسنادٌ ضَعيفٌ. وأَورَدَه ابنُ أَبي حاتمٍ في «العلل» (١/ ٤٧٩)، وقالَ: قالَ أبو زُرعةَ: هذا حَديثٌ مُنكَرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>