لُزومِ البَيعِ فالأوْلى صِحَّتُه؛ لأنَّه يَصحُّ رَهنُه عندَ غَيرِه، فصَحَّ عندَه كغَيرِه؛ ولأنَّه يَصحُّ رَهنُه على غيرِ ثَمَنِه صَحَّ رَهنُه على ثَمَنِه، وإنْ كان قبلَ لُزومِ البَيعِ انبَنى على جَوازِ التَّصرُّفِ في المَبيعِ، ففي كلِّ مَوضِعٍ جازَ التَّصرُّفُ فيه جازَ رَهنُه، وما لا فلا؛ لأنَّه نَوعُ تَصرُّفٍ، فأشبَهَ بَيعَه (١).
رَهنُ المَبيعِ في مُدَّةِ الخيارِ:
يَصحُّ رَهنُ المَبيعِ في مُدَّةِ الخيارِ عندَ الشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّه آيِلٌ إلى اللُّزومِ.
لكنَّ المَبيعَ في مُدَّةِ الخيارِ لا يَخلو مِنْ أنْ يَكونَ الخيارُ لِلبائِعِ ولِلمُشتَري، أو أنْ يَكونَ الخيارُ لِلبائِعِ، أو أنْ يَكونَ الخيارُ لِلمُشتَري وَحدَه:
فإنْ كان الخيارُ لِلبائِعِ والمُشتَري، أو لِلبائِعِ وَحدَه، يَجوزُ لِلبائِعِ أنْ يَرهَنَه ويَكونَ ذلك اختيارًا مِنَ البائِعِ لِفَسخِ البَيعِ.
ولا يَجوزُ لِلمُشتَري أنْ يَرهَنَه إلا بإذْنِ البائِعِ، إذا كان الخيارُ لَهما أو لِلبائِعِ، فإنْ أذِنَ صَحَّ، ويَكونُ بذلك إمضاءً لِلبَيعِ.
وإنْ كان الخيارُ لِلمُشتَري وَحدَه صَحَّ عندَ الشافِعيَّةِ في المَذهبِ والحَنابِلةِ، ويَكونُ بذلك اختيارًا منه لإمضاءِ البَيعِ وإبطالِ الخيارِ، وكذلك بَيعُه وتَصرُّفاتُه، ولا يَصحُّ لِلبائِعِ في هذه الحالةِ رَهنُ المَبيعِ في مُدَّةِ الخيارِ؛ لأنَّ
(١) «المغني» (٤/ ٢٤٧، ٢٤٨)، و «الكافي» (٢/ ١٣٨)، و «إعلام الموقعين» (٤/ ٣٣)، و «الفروع» (٤/ ٤٧)، و «المبدع» (٤/ ٢١٧)، و «الروض المربع» (٢/ ١١)، و «الإنصاف» (٥/ ١٤٢).