للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَصالِحِ، ولا يُحبَسُ المالُ أبدًا لغيرِ عِلَّةٍ مَحدودةٍ، لا سِيَّما في مَساجدَ قد عُلِمَ أنَّ رَيعَها يَفضلُ عن كِفايتِها دائِمًا، فإنَّ حَبسَ مثلَ هذا المالِ مِنْ الفَسادِ، ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥)[البقرة: ٢٠٥] (١).

وقالَ الرُّحيبانِيُّ : ويَتَّجهُ هذا الجَمعُ بينَ العِمارةِ وأربابِ الوَظائِفِ فيما إذا احتيجَ إلى عِمارةٍ شَرعيَّةٍ، كحائِطِ مَسجدٍ ومَدرسةٍ وسَقفِهما، فيُعادُ ذلكَ بلا تَزويقٍ بنَقشٍ وصَبغٍ وكِتابةٍ وغَيرِه ممَّا يُلهي المُصلِّيَ عن صَلاتِهِ غالِبًا؛ لأنه مَكروهٌ ومِثلُه التَّجصيصُ (٢).

إعمارُ الوَقفِ مِنْ غلَّةِ وَقفٍ آخَرَ:

نَصَّ فُقهاءُ الشافِعيةِ والحَنابلةِ على جَوازِ إعمارِ وَقفٍ مِنْ غلَّةِ وَقفٍ آخَرَ.

وسُئِلَ ابنُ حَجرٍ الهَيتميُّ عمَّن جدَّدَ مَسجدًا أو عمَّرَه بآلاتٍ جُددٍ، وبَقيَتِ الآلةُ القَديمَةُ -أي: لم يُعمِّرْ بها-، هل تَجوزُ عِمارةُ مَسجدٍ آخَرَ قَديمٍ بها أو لا فتُباعُ ويُحفظُ ثَمنُها للمَسجدِ الذي كانت تلكَ الآلاتُ فيه أو لا؟

فأجابَ بقَولِه: نعم، تَجوزُ عِمارةُ مَسجدٍ قَديمٍ أو حادِثٍ بها حيثُ قُطِعَ بعدمِ احتياجِ المَسجدِ الذي هي منه إليها قبلَ فَنائِها، ولا يَجوزُ بَيعُها بوَجهٍ مِنْ الوُجوهِ، فقد صَرَّحوا بأنَّ المَسجدَ المُعطَّلَ لخَرابِ البَلدِ إذا خِيفَ مِنْ


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢١٠).
(٢) «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>