اختَلفَ الفُقهاءُ في الفاسِقِ إذا التَقطَ صَبيًّا مُسلِمًا، هل يُقرُّ في يدِه أم يُنزعُ منه؟
فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُشترطُ في المُلتقِطِ أنْ يَكونَ عَدلًا ولو ظاهِرًا، فلا يَصحُّ التِقاطُ الفاسِقِ ويُنزعُ منه؛ لأنَّ الحَضانةَ وِلايةٌ والفاسِقُ ليسَ مِنْ أَهلِ الوِلايةِ، فيُنتزعُ منه لأنَّه ليسَ في حِفظِ اللَّقيطِ إلا الوِلايةُ، ولا وِلايةَ لفاسِقٍ.
أَحدُها: أنَّ في اللَّقطةِ مَعنى الكَسبِ، وليسَ ها هنا إلا الوِلايةِ.
والثانِي: أنَّ اللُّقطةَ لو انتزَعْناها منه ردَّدْناها إليه بعدَ الحَولِ، فاحتَطْنَا عليها معَ بَقائِها في يديه، وها هنا لا تُردُّ إليه بعدَ الانتِزاعِ منه بحالٍ، فكانَ الانتِزاعُ أَحوطَ.
والثالِثُ: أنَّ المَقصود ثَم حِفظُ المالِ، ويُمكنُ الاحتِياطُ عليه بأنْ يَستظهرَ عليه في التَّعريفِ أو يَنصبَ الحاكِمُ مَنْ يُعرِّفَها، وها هنا المَقصودُ حِفظُ الحُريةِ والنَّسبِ، ولا سَبيلَ إلى الاستِظهارِ عليه؛ لأنَّه قد يَدَّعي رِقَّه في بعضِ البُلدانِ أو في بعضِ الزَّمانِ، ولأنَّ اللُّقطةَ إنما يُحتاجُ إلى حِفظِها والاحتِياطُ عليها عامًا واحدًا، وهذا يَحتاجُ إلى الاحتِياطِ عليه في جَميعِ زَمانِه.