للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثانِيةُ: أنْ يَكونَ الطَّلاقُ رَجعيًّا:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو طلقَتِ الزَّوجةُ طَلاقًا رَجعيًّا، هل يَعودُ الحقُّ إليها وإنْ لم تَنْتَهِ عدَّتُها؟ أم لا يَعودُ إلا بعدَ انتِهاءِ العدَّةِ؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا فرْقَ بينَ الطلاقِ الرَّجعيِّ والبائنِ؛ لأنها لمَّا ملَكَتْ نفْسَها بالطَّلاقِ قبلَ الرَّجعةِ صارَتْ به كالخَليةِ في استِحقاقِ الحَضانةِ، كما صارَتْ كالخَليةِ في جَوازِ التصرُّفِ، فإنْ راجَعَها الزوجُ في عدَّتِها سقَطَتْ حَضانتُها برَجعتِه.

ولأنها مُطلَّقةٌ فعادَ حقُّها مِنْ الحَضانةِ كالبائنِ، ولأنه قد عزَلَها عن فِراشِه ولم يَبْقَ لها عليهِ قَسْمٌ ولا لها به شُغلٌ وعُقدَ سَببُ زَوالِ نكاحِها، فأشبَهتِ البائنَ في عدَّتِها.

ولو ظاهَرَ منها أو آلَى لم تَستحقَّ الحَضانةَ؛ لبَقائِها على الزَّوجيةِ، بخِلافِ المطلَّقةِ الرَّجعيةِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ والمُزنِيُّ مِنْ الشافِعيةِ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الطَّلاقَ إذا كانَ رَجعيًّا لم تَعُدِ الحَضانةُ إلا بعدَ انقِضاءِ العدَّةِ؛ لأنَّ الرَّجعيةَ غيرُ مُحرَّمةٍ تَجرِي عليها أحكامُ الزَّوجيةِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٤٢)، و «الاختيار» (٤/ ١٧)، و «البحر الرائق» (٤/ ١٨٣)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥٦٦)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٥٠٩، ٥١٠)، و «البيان» (١١/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٩٦، ١٩٧)، و «المغني» (٨/ ١٨٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٧٤)، و «زاد المعاد» (٥/ ٤٥٢، ٤٥٣)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>