للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمنِ لِلبائِعِ فَورَ تَمامِ العَقدِ بالإيجابِ والقَبولِ، لكنْ يَمنَعُ لُزومَ العَقدِ، بخِلافِ خيارِ الشَّرطِ، حتى لو باعَه مُطلَقًا، أو بشَرطِ الخيارِ لِلمُشتَري، أو أعتَقَه أو رَهَنَه أو وهَبه وسلَّم قبلَ الرُّؤيةِ لزِم البَيعُ، ولو شرَط الخيارَ لِلبائِعِ أو عرَضه على البَيعِ لا يَلزَمُ قبلَ الرُّؤيةِ، ويَلزَمُ بعدَها؛ لأنَّه لَم يَتعلَّقْ به حَقُّ الغيرِ، لكنْ رَضيَ، والرِّضا قبلَ الرُّؤيةِ لا يُسقِطُ الخيارَ.

وسَبَبُ التَّفرِقةِ بينَ الخيارَيْنِ هو أنَّ البَيعَ في خيارِ الرُّؤيةِ صدَر مُطلَقًا غيرَ مُقيَّدٍ بأيِّ شَرطٍ، وكانَ المَفهومُ أنْ يَكونَ لازِمًا، إلَّا أنَّ الرَّدَّ بخيارِ الرُّؤيةِ ثبَت مِنْ جِهةِ الشَّرعِ، أمَّا خيارُ الشَّرطِ فقد ثبَت باشتِراطِ المُتعاقدَيْنِ؛ فكانَ له أثَرُه في العَقدِ يَمنَعُ استِقرارَ حُكمِه في الحالِ.

بَيعُ ما لَم يَرَه:

ومَن باعَ ما لَم يَرَه بأنْ وَرِثَ شَيئًا فلَم يَرَه حتى باعَه فلا خيارَ له على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ، لأنَّ النَّصَّ أثبَتَه لِلمُشتَري خَوفًا مِنْ تَغيُّرِ المَبيعِ عَمَّا يَظُنُّه، ودَفعًا لِلغَبنِ عنه؛ فلو ثبَت لِلبائِعِ لَثبَت خَوفًا مِنْ الزِّيادةِ على ما يَظُنُّه مِنْ الأوصافِ، وذلك لا يُوجِبُ الخِيارَ، ألَا تَرَى أنَّه لو باعَ عَبدًا على أنَّه مَريضٌ فإذا هو صَحيحٌ لزِمه، ولا خيارَ له؟

وهذا الحُكمُ إذا باعَ عَينًا بثَمَنٍ -وهو البَيعُ العاديُّ- أمَّا إذا باعَ عَينًا بعَينٍ -وهو المُقايَضةُ- ولَم يَرَ كلُّ واحِدٍ منهما ما يَحصُلُ له، ثبَت الخيارُ لِكُلِّ واحِدٍ منهما.

ولو تَبايَعا دَينًا بدَينٍ لا يثبُتُ الخيارُ لِواحِدٍ منهما، ولو اشتَرَى عَينًا بدَينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>