للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - هِبةُ المَغصوبِ:

هِبةُ المَغصوبِ إمَّا أنْ تُوهبَ للغاصِبِ أو لغيرِ الغاصِبِ، وغيرُ الغاصِبِ إمَّا أنْ يَقدِرَ على أخذِه من الغاصِبِ وإمَّا ألا يَقدِرَ.

فالمالِكيةُ يَرونَ صِحةَ هِبةِ المَغصوبِ سَواءٌ كانَ من الغاصِبِ أو من غيرِه، وسَواءٌ كانَ يَقدِرُ على أخذِه من الغاصِبِ أو لا يَقدِرُ؛ لأنَّ المَغصوبَ أسوأُ أَحوالِه أنْ يَكونَ غَررًا، وهِبةُ الشَّيءِ الذي فيه غَررٌ وجَهالةٌ جائِزةٌ، وليسَ حَوزُ الغاصِبِ حَوزًا؛ لأنَّه حازَ لنَفسِه (١).

وقالَ الشافِعيةُ: تَصحُّ هِبةُ المَغصوبِ للغاصِبِ، وهل تَفتقرُ إلى الإذنِ في القَبضِ؟ وَجهانِ.

وكذا تَجوزُ هِبةُ المَغصوبِ لغيرِ الغاصِبِ إنْ قدِرَ على انتِزاعِها من الغاصِبِ، فإذا أذِنَ له في القَبضِ فقبَضَه لزِمَت الهِبةُ، وإنْ وكَّلَ الغاصِبَ في القَبضِ له فمَضى زَمانٌ يُمكنُ فيه القَبضُ صارَت مَقبوضةً للمَوهوبِ له، وزالَ الضَّمانُ عن الغاصِبِ؛ لأنَّ المِلكَ الذي صارَ مَضمونًا زالَ، وصارَ مَقبوضًا لمالِكٍ آخَرَ بإذنِه، بخِلافِ ما إذا وهَبَه الغاصِبُ وأذِنَ له في قَبضِه؛ فإنَّ الضَّمانَ لا يَزولُ عنه؛ لأنَّ المِلكَ باقٍ لم يَزُلْ.

وإنْ لم يَقدِرْ على الانتِزاعِ ففيه وَجهانِ، أصَحُّهما: لا يَجوزُ (٢).


(١) «الذخيرة» (٦/ ٢٦٤).
(٢) «البيان» (٨/ ١٢١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٤٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩١)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٥٧٢)، و «كفاية الأخيار» ص (٣٦٢)، و «الديباج» (٢/ ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>