للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- أنْ تَكونَ العَينُ المَغصوبةُ التالِفةُ من غيرِ ذَواتِ الأَمثالِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ -إلا العَنبريَّ- على أنَّ العَينَ المَغصوبةَ إذا كانَت من غيرِ ذَواتِ الأَمثالِ، وجَبَ على الغاصِبِ قيمَتُها، قالَ العِمرانِيُّ : وهو قَولُ جَميعِ العُلماءِ (١)؛ لمَا رُويَ: أنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَنْ أعتَقَ شِركًا له في عَبدٍ، فكانَ له مالٌ يَبلغُ ثَمنَ العَبدِ، قُوِّم العَبدُ قيمةَ عَدلٍ، فأعطَى شُركاءَه حِصَصَهم، وعتَقَ عليه، وإلا فقد عتَقَ منه ما عتَقَ» (٢)، فأمَرَ بتَقويمِ نَصيبِ الشَّريكِ وهو مُتلَفٌ بالعِتقِ، ولم يأمُرْه بمِثلِه من عَبدٍ.

ولأنَّ الأَشياءَ التي لا تَتساوَى أَجزاؤُها، وتَتبايَنُ صِفاتُها، لا يُمكنُ إِيجابُ المِثلِ فيها لاختِلافِها، فكانَت القيمةُ فيها أوْلى.

وأمَّا القَصعةُ -الآتي ذِكرُها- فمَحمولةٌ على أنَّه جوَّزَ ذلك بالتَّراضي، وقد عُلِمَ أنَّها تَرضى بذلك.

وحُكيَ عن عُبيدِ اللهِ بنِ الحَسنِ العَنبَريِّ: أنَّه قالَ: يَجبُ عليه مِثلُه من طَريقِ الضَّرورةِ؛ لمَا رُويَ عَنْ جَسرةَ بِنتِ دِجَاجةَ، قالَت: قالَت عائِشةُ: «مَا رَأيتُ صَانِعًا طَعامًا مِثلَ صَفيةَ، صنَعَت لرَسولِ اللهِ طَعامًا فبعَثَت به فأخَذَني أَفكَلٌ فكسَرتُ الإِناءَ، فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما كَفارةُ ما صنَعتُ؟ قالَ: إِناءٌ مِثلُ إِناءٍ، وطَعامٌ مِثلُ طَعامٍ» (٣). و (الأَفكَلُ): الرِّعدةُ من الغَيرةِ.


(١) «البيان» (٧/ ١٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٨٦، ٢٣٨٩)، ومسلم (١٥٠١).
(٣) رواه أبو داود (٣٥٦٨)، وقالَ الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (٥/ ١٢٥): إسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>