المُقَرُّ له هو مَنْ يَثبُتُ له الحَقُّ المُقَرُّ به، ويَحِقُّ له المُطالَبةُ به أو العَفوُ عَنه.
وقد اشتَرَطَ الفُقهاءُ في المُقَرِّ له عِدةَ شُروطٍ لا بدَّ مِنْ تَوافُرِها حتى يَصِحَّ الإِقرارُ له، وبَيانُ ذلك فيما يَلي:
الشَّرطُ الأوَّلُ: أنْ يُصدِّقَ المُقَرُّ له المُقِرَّ في إِقرارِه:
اتَّفَقَ فُقهاءُ المَذاهِبِ الأربَعةِ على أنَّه يُشتَرطُ لصِحةِ الإِقرارِ تَصديقُ المُقَرِّ له للمُقِرِّ بما أقَرَّ لأنَّه لا يُدخِلُ مالَ الغَيرِ في مِلكِ أحَدٍ جَبرًا فيما عَدا الميراثَ، فإنْ كذَّبَه بأنْ أقَرَّ له بألفٍ مَثَلًا فقالَ المُقَرُّ له: ليسَ عليك شَيءٌ لي، أو لا عِلمَ لي بذلك، بطَلَ الإِقرارُ إنِ استَمرَّ التَّكذيبُ.
إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا فيما لو رجَعَ المُقِرُّ عن الإِقرارِ، أو عادَ المُقَرُّ له إلى التَّصديقِ.
فقالَ الحَنفيةُ: إنْ عادَ المُقِرُّ له إلى التَّصديقِ لم يَصِحَّ إلا بإِقرارٍ جَديدٍ.
وإنْ رجَعَ المُقِرُّ في حالِ إِنكارِ المُقَرِّ له صحَّ رُجوعُه (١).
وقالَ المالِكيةُ: إنْ كَذَّبَ المُقَرُّ له المُقِرَّ حَقيقةً كَ «ليسَ لي عليه شَيءٌ»، أو حُكمًا، كقَولِه:«لا عِلمَ لي بذلك»، بطَلَ الإِقرارُ إنِ استَمَرَّ على التَّكذيبِ.
فإنْ رجَعَ المُقَرُّ له إلى تَصديقِ المُقِرِّ في الثانِي فأنكَرَ المُقِرُّ عقِبَ تَصديقِ المُقَرِّ له صحَّ الإِقرارُ ولا عِبرةَ بإِنكارِ المُقِرِّ بعدَ ذلك، وأوْلَى إنْ رجَعَ المُقَرُّ له لتَصديقِ المُقِرِّ، ولم يَحصُلْ مِنْ المُقِرِّ إنكارٌ.