للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجهُ قَولِهما: أنَّ سَببَ الوُجوبِ شَيءٌ واحِدٌ، وهو قَطعُ الطَّريقِ، وقد حصَلَ ممَّن يَجبُ عليهِ وممَّن لا يَجبُ عليهِ، فلا يَجبُ أصلًا كما إذا كانَ فيهِم صَبيٌّ أو مَجنونٌ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في قَولٍ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا تُشترطُ الذُّكورةُ في المُحارِبينَ وقُطَّاعِ الطريقِ، ولا فرْقَ بينَ الرِّجالِ والنساءِ، فإنْ كانَ فيهِم امرأةٌ ثبَتَ في حقِّها حُكمُ المُحارَبةِ، فمَتى قتَلَتْ وأخَذَتِ المالَ فحَدُّها حَدُّ قطَّاعِ الطريقِ؛ لأنها تُحَدُّ في السرقةِ، فيَلزمُها حُكمُ المُحارَبةِ كالرجلِ، ولأنها مُكلَّفةٌ يَلزمُها القِصاصُ وسائرُ الحُدودِ، فلَزمَها هذا الحَدُّ كالرجلِ.

إذا ثبَتَ هذا فإنها إنْ باشَرَتِ القَتلَ أو أخْذَ المالِ ثبَتَ حُكمُ المُحارَبةِ في حَقِّ مَنْ معَها؛ لأنهُم رِدءٌ لها، وإنْ فعَلَ ذلك غيرُها ثبَتَ حُكمُه في حقِّها؛ لأنها رِدءٌ له كالرَّجلِ سَواءٌ (٢).

الشَّرطُ الثالِثُ: الالتِزامُ بأحكامِ الإسلامِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُحارِبينَ، هل يُشتَرطُ أنْ يَكونُوا مُسلمينَ ولا تَصحُّ مِنْ أهلِ الذِّمةِ؟ أم تَصحُّ الحِرابةُ مِنْ كلِّ مَنْ التَزمَ أحكامَ الإسلامِ كأهلِ الذِّمةِ؟


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٩١)، و «الاختيار» (٤/ ١٣٩)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٤٢، ٤٤٣).
(٢) «المدونة الكبرى» (١٦/ ٣٠٢)، و «الجامع لمسائل المدونة» (٢٢/ ٢٥١)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٠٤)، و «الأم» (٤/ ٢٩٣)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٩٧)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٢٠٤)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٩٤)، و «المغني» (٩/ ١٣١)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٩٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>