للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأبٍ حَقيقيٍّ؛ لأنَّ النَّفقةَ على الأقاربِ لا تَجبُ انتِقالًا، وإنما تَجبُ ابتِداءً، ونَفقةُ الوَلدِ لازِمةٌ لأبيهِم، فلا تَنتقلُ إلى جَدِّهم (١).

هل تَجبُ نَفقةُ الابنِ على الأمِّ إذا لم يَكنْ له أبٌ أو كانَ مُعسِرًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَلدِ إذا كانَ بلا أبٍ ولا يُوجَدُ للوَلدِ مالٌ، هل تَجبُ نَفقتُه على أمِّه أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه تَجبُ على أمِّه، ويَجبُ عليها أنْ تُنفِقَ على وَلدِها إذا لم يَكنْ له أبٌ؛ لقَولِه : ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [البقرة: ٨٣]، وعن أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رَجلٌ: يا رَسولَ اللهِ مَنْ أحَقُّ الناسِ بحُسنِ الصُّحبةِ قالَ: «أمُّكَ ثمَّ أمُّكَ ثمَّ أمُّكَ ثمَّ أبوكَ ثمَّ أَدناكَ أَدناكَ» (٢).

ولأنها أحَدُ الوالدَينِ، فأشبَهَتِ الأبَ، ولأنَّ بينَهُما قَرابةً تُوجِبُ رَدَّ الشهادةِ ووُجوبَ العِتقِ، فأشبَهَتِ الأبَ.

وكذا إنْ أعسَرَ الأبُ وكانَتِ الأمُّ مُوسِرةً وجَبَتِ النَّفقةُ على الأمِّ، ولم تَرجعْ بها عليه إنْ أيسَرَ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ؛ لأنَّ مَنْ وجَبَ عليه الإنفاقُ بالقَرابةِ لم يَرجعْ به كالأبِ.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٦٩)، رقم (١٤١٦)، و «المعونة» (١/ ٤٦٠).
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>