فصل في ادِّعاءِ الوَكالةِ عندَ مَنْ عليه الحَقُّ
إنْ كانَ عليه حَقٌّ لِرَجُلٍ فجاءَ رَجُلٌ وادَّعى أنَّه وَكيلُ صاحِبِ الحَقِّ في قَبْضِه وصدَّقه، جازَ أنْ يَدفعَ إليه، ولا يَجِبَ الدَّفعُ إليه، وقالَ المُزَنيُّ: يَجِبُ الدَّفْعُ إليه؛ لأنَّه أَقَرَّ له بحَقِّ القَبضِ، وهذا لا يَصحُّ؛ لأنَّه دَفْعٌ غيرُ مُبْرِئٍ، فلَمْ يُجبَرْ عليه، كما لو كانَ عليه دَيْنٌ بشَهادةٍ، فطُولِبَ به مِنْ غيرِ إشهادٍ؛ فَإنْ دفَع إليه ثم حضَر المُوكِّلُ وأنكَرَ التَّوكيلَ، فالقَولُ قَولُه مَع يَمينِه على أنَّه ما وكَّل؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُ التَّوكيلِ؛ فإذا حلَف نُظر: فإنْ كانَ الحَقُّ عَينًا أخَذَها، إنْ كانَتْ باقيةً، ورجَع ببَدَلِها إنْ كانَتْ تالِفةً، وله أنْ يُطالِبَ الدَّافِعَ والقابِضَ؛ لأنَّ الدَّافِعَ سلَّمَ إلى مَنْ لَم يَأذَنْ له المُوكِّلُ، والقابِضُ أخَذَ ما لَم يَكُنْ له أخْذُه؛ فَإنْ ضَمِن الدَّافِعُ لَم يَرجِعْ على القابِضِ، وإنْ ضَمِن القابِضُ لَم يَرجِعْ على الدَّافِعِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهُما يَقولُ بأنَّ ما يَأخُذُه المالِكُ ظُلْمٌ، فلا يَرجِعُ به على غيرِه.
وإنْ كانَ الحَقُّ دَيْنًا فله أنْ يُطالِبَ به الدَّافِعَ؛ لأنَّ حَقَّه في ذِمَّتِه لَم يَنتقِلْ.
وَهَل له أنْ يُطالِبَ القابِضَ؟ فيه وَجهانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute