شاءَ، وأنْ يَعمَلَ فيها ما شاءَ مِنْ المُتعارَفِ عليه. ولا يَجوزُ لِلمُستَأجِرِ ولا نائِبِه -المُستَعيرِ أوِ المُستَأجِرِ- أنْ يَستَوفيَ المَنفَعةَ بما هو أكثَرُ ضَرَرًا، ولا بما يُخالِفُ ضَرَرَ المُستَوفَى ضَرَرُه، أي: المَعقودَ عليه، إلَّا إذا أذِنَ له المُؤجِّرُ، فلا يُسكِنُ الدَّارَ أو الدُّكَّانَ حَدادًا أو قَصَّارًا أو غَيرَهما ممَّا فيه ضَرَرٌ أكبَرُ على العَينِ المُستَأجَرةِ؛ لأنَّ في مِثلِ هذه الأشياءِ ضَرَرًا ظاهِرًا؛ لأنَّه يُوهِنُ البِناءَ ويَضُرُّ به، فلا يَملِكُه إلَّا بالتَّسميةِ.
وَكَذا لَوِ استَأجَرَ أرضًا لِيَزرَعَها شَعيرًا؛ فلا يَجوزُ أنْ يَزرَعَها ما هو أكثَرُ ضَرَرًا مِنه.
وإنِ اكتَرى ظَهرًا ليَركَبَه؛ فلَه أنْ يُركِبَه مِثلَه، ومَن هو أخَفُّ مِنه، وليس له أنْ يُركِبَه مَنْ هو أثقَلُ مِنه؛ لأنَّ العَقدَ اقتَضَى استيفاءَ مَنفَعةٍ مُقدَّرَةٍ بذلك الرَّاكِبِ، فكانَ له أنْ يَستَوفيَ ذلك بنَفْسِه ونائِبِه، ولَه استيفاءُ أقَلَّ مِنه؛ لأنَّه بَعضُ حَقِّه، وليسَ له استِيفاءُ أكثَرَ مِنه؛ لأنَّه أكثَرُ ممَّا عُقِدَ عليه.
والحاصِلُ: أنَّ كلَّ عَملٍ يُفسِدُ البِناءَ أو يُوهِنُه فذلك لا يَصِيرُ مُستحَقًّا له بمُطلَقِ العَقدِ، إلَّا أنْ يُشترَطَ، وما لا يُوهِنُ فهو مُستحَقٌّ بمُطلَقِ العَقدِ.
وَهُنا بَعضُ المَسائِلِ المُتعلِّقةِ بهذا على هذا التَّرتيبِ:
المَسألةُ الأُولَى: شُرِطَ على المُستَأجِرِ أنْ يَستَوفيَ المَنفَعةَ بنَفْسِهِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لَو شُرِطَ على المُستَأجِرِ أنْ يَستَوفيَ المَنفَعةَ بنَفْسِه، هَلْ يَلزَمُ الوَفاءُ به أو يَفسُدُ الشَّرطَ، ولا يَلزَمُ الوَفاءُ بهِ؟