للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَذلُ المالِ لتَوليةِ القَضاءِ ودَفعُ الرِّشوةِ له:

اتفَقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ لمْ يَكنْ أَهلًا للقَضاءِ يَحرمُ عليه بَذلُ رِشوةٍ ليُنصبَ قاضيًا ولا يَنفذُ قَضائُه حينَئذٍ.

قالَ الإِمامُ السُّيوطيُّ : «ولو أخَذَ القَضاءَ بالرِّشوةِ لا يَصيرُ قاضيًا بالاتفاقِ» (١).

قالَ الحَنفيةُ: «إذا أخَذَ القَضاءَ بالرِّشوةِ أيْ: بمالٍ دفَعَه لتَوليتِه؛ لمْ تَصحَّ تَوليتُه، ولا يَصيرُ قاضيًا ولو قَضى لمْ يَنفذْ» (٢).

وقالَ الإِمامُ الطَّرابلسيُّ الحَنفيُّ : وأمَّا تَحصيلُ القَضاءِ بالرِّشوةِ: قالَ في الخُلاصةِ: «ومَن أخَذَ القَضاءَ برِشوةٍ فالصَّحيحُ أنَّه لا يَصيرُ قاضيًا، ولو قَضى لا يَنفذُ حُكمُه، وبه يُفتي الإِمامُ، لو قلَّدَ برِشوةٍ أخَذَها هو أو قَومٌ عالمًا به لمْ يَجزْ تَقليدُه كقَضائِه برِشوةٍ».

وقالَ في النَّوازلِ: «مَنْ أخَذَ القَضاءَ برِشوةٍ أو بشُفعاءَ فهو كمُحكمٍ، لو رَفعَ حُكمَه إلى قاضٍ آخرَ يُمضيه لو وافقَ رَأيَه وإلا أبطَلَه، مَنْ أخَذَ برِشوةٍ لا يَنفذُ حُكمُه بلا حاجةٍ إلى نَقضِه، ومَن أخَذَ بشُفعاءَ فهو كمَن تقلَّدَه بحَقِّ القاضِي لو ارتَشى وحكَمَ نفَذَ حُكمُه فيما لمْ يَرتشِ لا فيما ارتَشى».

مِنْ المَحيطِ قالَ في نَوادرِ ابنِ رُستمَ: «نفَذَ فيهما قالَ بعضُ المَشايخِ: بطَلَ فيهما وبالأَولِ أخَذَ شَمسُ الأَئمةِ السَّرخسيُّ.


(١) «جواهر العقود» (٢/ ٢٩٠).
(٢) «تبين الحقائق» (٤/ ١٧٥، ١٧٦)، و «البحر الرائق» (٦/ ٢٨٤)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٣٦٣)، و «معين الحكام» (١/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>