قال الحَنفيَّةُ: إنَّ قيمةَ المَرهونِ إذا هَلَك تُعتبَرُ يَومَ القَبضِ؛ لأنَّه يَومَئِذٍ دَخَلَ في ضَمانِه، وفيه يَثبُتُ الاستِيفاءُ يَدًا، ثم يَتقرَّرُ بالهَلاكِ؛ لأنَّ القَبضَ السابِقَ مَضمونٌ عليه؛ لأنَّه قَبضُ استِيفاءٍ، إلا أنَّه يَتقرَّرُ عندَ الهَلاكِ.
وأمَّا إذا استَهلَكَه المُرتَهَنُ أو أجنبيٌّ تُعتبَرُ قيمَتُه يَومَ الاستِهلاكِ؛ لِوُرودِه على العَينِ المُودَعةِ، وتَكونُ القيمةُ رَهنًا عندَه.
وإنِ استَهلَكَه أجنبيٌّ فالمُرتَهَنُ هو الخَصمُ في تَضمينِه، ويأخُذُ القيمةَ فتَكونُ رَهنًا في يَدِه، والواجِبُ على هذا المُستَهلِكِ قيمَتُه يَومَ هَلَك، فإنْ كانتْ قيمَتُه يَومَ استَهلَكَه خَمسَمِئةٍ، ويَومَ الرَّهنِ ألْفًا، غُرِّمَ خَمسَمِئةٍ، وكانت رَهنًا، ويَسقُطُ مِنَ الدَّينِ خَمسُمِئةٍ ويَكونُ الحُكمُ في الخَمسِمِئةِ الزائِدةِ كأنَّها هَلَكتْ بآفةٍ سَماويَّةٍ، والمُعتبَرُ في ضَمانِ القيمةِ هو يَومُ القَبضِ لا يَومُ الهَلاكِ؛ لأنَّ القَبضَ السابِقَ مَضمونٌ عليه؛ لأنَّه قَبضُ استِيفاءٍ، إلا أنَّه يَتقرَّرُ عليه عندَ الهَلاكِ.
فإذا ضمِن الأجنبيُّ القيمةَ، وكان الدَّينُ مُؤجَّلًا، كانت القيمةُ رَهنًا مَكانَه، وإنْ كان حالًّا، وكان الضَّمانُ مِنْ جِنسِ حَقِّه اقتُضيَ منه فإنْ بَقيَ شَيءٌ كان للراهِنِ، وإنْ لَم يَكُنْ مِنْ جِنسِ حَقِّه طالَبَ بدَيْنِه، أو باعَ القيمةَ (١).
وقال المالِكيَّةُ: الرَّهنُ إذا ضاعَ أو تلِف عندَ المُرتَهَنِ فاختَلَفا في قيمَتِه
(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢١٥)، و «الاختيار» (٢/ ٦٥)، و «رد المحتار مع حاشية ابن عابدين» (٦/ ٥١٠)، و «الهداية» (٤/ ١٤٨)، و «المجلة» مادة (٧٤٢)، و «درر الحكام» (٢/ ١٢١)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ٢٧٢)، و «مجمع الضمانات» (٢٨٢).