للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ذلك من لَفظِ الراوي الصاحِبِ؛ إذْ كانوا هُمْ أقعَدَ بمَفهومِ الأحوالِ، ودِلالاتِ الأقوالِ.

وأمَّا الأقيسةُ المُعارِضةُ في ذلك فتَشبيهُها تارةً بكَفَّارةِ الظِّهارِ، وتارةً بكَفَّارةِ اليَمينِ، لكنَّها أشبَهُ بكَفَّارةِ الظِّهارِ منها بكَفَّارةِ اليَمينِ، وأُخِذ التَّرتيبُ من حِكايةِ لَفظِ الراوي.

وأمَّا استِحبابُ الابتِداءِ بالطَّعامِ، فمُخالِفٌ لِظَواهِرِ الآثارِ، وإنَّما ذهَب إلى هذا من طَريقِ القياسِ؛ لأنَّه رأى الصِّيامَ قد وقَع بَدَله الإطعامُ في مَواضِعَ شَتَّى من الشَّرعِ، وأنَّه مُناسِبٌ له أكثَرَ من غَيرِه، بدَليلِ قِراءةِ من قَرأ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، بالجَمعِ، ولذلك استحَبَّ هو وجَماعةٌ من العُلماءِ لِمَنْ مات وعليه صَومٌ أنْ يُكفِّرَ بالإطعامِ عنه، وهذا كأنَّه من بابِ تَرجيحِ القياسِ الذي تَشهَدُ له الأُصولُ على الأثَرِ الذي لا تَشهَدُ له الأُصولُ (١).

إذا كَرَّر الجِماعَ في رَمضانَ هل يَلزمُه كَفَّارةٌ واحِدةٌ أو لا؟

أجمَع الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ وَطِئَ في يَومٍ من رَمضانَ ثم كفَّر، ثم وَطئَ في يَومٍ آخرَ أنَّ عليه كَفَّارةً أُخرى (٢).

واختَلفُوا فيما إذا جامَع في يَومٍ من رَمضانَ، فلم يُكفِّرْ حتى جامَع في يَومٍ آخَرَ:


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٤١٧).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٤١٨)، و «المغني» (٤/ ١٩٤) ورَوى زُفَرُ عن أبي حَنيفةَ أنَّه ليس عليه كَفَّارةٌ إلا أنَّ ظاهِرَ الرِّوايةِ أنَّ عليه كَفارَتَيْن، «البدائع» (٢/ ٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>