حُكمِ البَيعِ فيها، بَلْ مُلِكتْ بسَبَبٍ على حِدةٍ، فأمكَنَ إثباتُ حُكمِ الفَسخِ فيه بدونِ الزِّيادةِ، فيُرَدُّ الأصلُ ويَنفسِخُ العَقدُ فيه، وتَبقَى الزِّيادةُ مَملوكةً لِلمُشتَري بوُجودِ سَبَبِ المِلْكِ فيها شَرعًا؛ فتَطيبُ له.
هذا إذا كانَتِ الزِّيادةُ قائِمةً في يَدِ المُشتَري، فأمَّا إذا كانَتْ هالِكةً فهَلاكُها لا يَخلو مِنْ أنْ يَكونَ بآفةٍ سَماويَّةٍ أو بفِعلِ المُشتَري، أو بفِعلِ أجنَبيٍّ، فإنْ كانَ بآفةٍ سَماويَّةٍ فله أنْ يَرُدَّ الأصلَ بالعَيبِ وتُجعَلَ الزِّيادةُ كأنَّها لَم تَكُنْ، وإنْ كانَ بفِعلِ المُشتَري فالبائِعُ بالخِيارِ، إنْ شاءَ قبلَ ورَدَّ جَميعَ الثَّمنِ، وإنْ شاءَ لَم يَقبَلْ ورَدَّ نُقصانَ العَيبِ، سَواءٌ كانَ حُدوثُ ذلك أوجَب نُقصانًا في الأصلِ، أو لَم يُوجِبْ نُقصانًا فيه؛ لأنَّ إتلافَ الزِّيادةِ بمَنزِلةِ إتلافِ جُزءٍ مُتَّصِلٍ بالأصلِ؛ لِكَونِها مُتولَّدةٌ مِنْ الأصلِ، وذا يُوجِبُ الخيارَ لِلبائِعِ، وإنْ كانَ بفِعلِ أجنَبيٍّ ليسَ له أنْ يَرُدَّ؛ لأنَّه يَجِبُ ضَمانُ الزِّيادةِ على الأجنَبيِّ، فيَقومُ الضَّمانُ مَقامَ العَينِ، فكَأنَّ عَينَه قائِمةٌ، فيَمتَنِعُ الرَّدُّ ويَرجِعُ بنُقصانِ العَيبِ (١).
إذا حدَث عَيبٌ آخَرُ عندَ المُشتَري في المَبيعِ قبلَ عِلمِه بالأوَّلِ:
اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ اشتَرَى شَيئًا مَعيبًا لَم يَعلَم به، ثم حدَث به عَيبٌ آخَرُ عندَه بآفةٍ سَماويَّةٍ أو غيرِها قبلَ عِلمِه بالعَيبِ الأوَّلِ، هل له أنْ يُمسِكَه ويَأخُذَ الأرشَ أو أنْ يَأخُذَ الأرشَ ويَتعذَّرَ الرَّدُّ؟
فذهَب الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ المُشتَريَ لا
(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٢٨٦)، و «مجمع الضمانات» (٤٧٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٧/ ١٨٧) مَطلَب في أَنواعِ زِيادَةِ المَبيعِ.