ذَهَبَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ، الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَصحُّ استِئجارُ الأشجارِ بأُجرةٍ مَعلومةٍ؛ لِاستِيفاءِ ثَمرِها؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى بَيعِ الثَّمرةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، وهو لا يَجوزُ، ولأنَّها أعيانٌ بِيعَتْ قبلَ الوُجودِ.
وَلأنَّ الثَّمرةَ عَينٌ لا يَجوزُ استِحقاقُها بعَقدِ الإجارةِ؛ فإنَّه يَجوزُ بَيعُه بعدَ الوُجودِ، وإنَّما يُستحَقُّ بقَدْرِ الإجارةِ ممَّا لا يَجوزُ بَيعُه بعدَ الوُجودِ، ولأنَّ مَحَلَّ الإجارةِ المَنفَعةُ، وهي عَرضٌ لا يَقومُ بنَفْسِه، ولا يُتصوَّرُ بَقاؤُها، والثَّمرةُ تَقومُ بنَفْسِها؛ كالشَّجرةِ، فكَما لا يَجوزُ أنْ يَتملَّكَ الشَّجرةَ بعَقدِ الإجارةِ فكذلك الثَّمرةُ، ولأنَّ المُؤاجِرَ يَلتَزِمُ ما لا يَقدِرُ على إبقائِه، فرُبَّما تُصيبُ الثَّمرةَ آفَةٌ، وليسَ في وُسعِ البَشَرِ اتِّخاذُها، وكذلك ألبانُ الغَنَمِ وصُوفُها وسَمنُها ووَلَدُها، كلُّ ذلك عَينٌ يَجوزُ بَيعُه، فلا يُتَمَلَّكُ بعَقدِ الإجارةِ.
(١) و «الاختيار» (٣/ ١٠٠)، و «الأشباه والنظائر» (٢٦٩)، و «ابن عابدين» (٦/ ٢٩٢)، و «الهندية» (٤/ ٤٤٢)، و «كفاية الطالب الرباني» (٢/ ٢٤٧)، و «منح الجليل» (٧/ ٤٩٦)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٣٩١)، و «الوسيط» (٤/ ١٥٨)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٩، ١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦٤)، و «المغني» (٥/ ٣١٧، ٣١٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٣٢)، و «المبدع» (٥/ ٥٧، ٧٧)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٨٢)، و «الفروع» (٤/ ٣١٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٦٥٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٦)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٠٣) ..