للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّزويجُ على غيرِ مالٍ كتَعليمِ القُرآنِ:

اختَلفَ الفقهاءُ في الزواجِ على تَعليمِ القرآنِ، هل يَصحُّ أنْ يكونَ تَعليمُ القرآنِ مهرًا أم لا؟ بأنْ يَتزوَّجَ الرجلُ على أنْ يُعلِّمَ زوْجتَه القرآنَ أو جزءًا منه مَعلومًا، على قولَينِ:

القولُ الأولُ: أنه لا يَصحُّ أنْ يكونَ المهرُ تعليمَ شيءٍ مِنْ القرآنِ، وهو مَذهبُ الحَنفيةِ والمالِكيةِ في قولٍ والحَنابلةِ في المَذهبِ، بل يُشترطُ أنْ يكونَ المهرُ مالًا؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، شرَطَ أنْ يكونَ المهرُ مالًا، فما لا يكونُ مالًا لا يَكونُ مهرًا، فلا تصحُّ تَسميتُه مهرًا، وقَوله تعالَى: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، أمَرَ بتَنْصيفِ المَفروضِ في الطلاقِ قبلَ الدخولِ، فيَقتضي كونَ المَفروضِ مُحتمِلًا للتَّنصيفِ وهوَ المالُ.

وأمَّا ما رُويَ عنِ النبيِّ أنه زَوَّجَ الرجلَ على تعليمِ سورةٍ مِنَ القرآنِ وغَيره كما في حديثِ سَهلِ بنِ سَعدٍ قالَ: «أتَتِ النبيَّ امرَأةٌ فقالَت إنها قد وهَبَتْ نفسَها للهِ ولرَسولِه فقالَ: ما لي في النِّساءِ مِنْ حاجَةٍ، فقالَ رَجلٌ: زَوِّجنِيها، قالَ: أعْطِها ثَوبًا، قالَ: لا أجِدُ، قالَ: أعْطِها ولو خاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فاعْتَلَّ له، فقالَ: ما معَكَ مِنَ القُرآنِ؟ قالَ: كذا وكذا، قالَ: فقدْ زَوَّجتُكَها بما معكَ مِنْ القرآنِ» (١)، فإنه لا يَصحُّ مَهرًا مِنْ وجوهٍ:


(١) رواه البخاري (٤٧٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>